أظنه بات لزاماً على مجتمعنا ثقافياً وانطباعاً وسلوكاً أن نغير من ربطنا للتقوى والالتزام بأخلاق الإسلام بجعل المظهر الخارجي هو مناط التدين.

لقد بتنا بصراحة مطلقة نقيم الناس ومدى تدينهم بالنظر إلى "تقصير الثوب وإعفاء اللحية وعدم لبس العقال"، وننسى أن البعض صاروا يتكسبون التقدير والحظوة من خلال هذه الملامح، وقد ننسى – ونحن نعلم – أن بعض العاملين ضمن حلقة الدوائر الشرعية الرسمية هم من الذين تعمدوا تصنع هذا المظهر لضرورات الوظيفة، ونعلم أن بعضهم يدع عقال رأسه في السيارة حال دخوله منطقة الوظيفة.

وكنا نتمنى أكثر أن هذه المظاهر تلزم بعض متلبسيها بقيم وأخلاق الدين، لكن – الأسف يطغى – حين ندرك أن التهجم وسوء التعامل وسوء استخدام السيارة في الطريق والالتزام بأنظمة المرور ورمي المقذوفات من نوافذ المركبة ترتبط ببعض المتأسلمين فقط في سمتهم الخارجي.

هل ترونني أبالغ في كلامي؟

ربما يرى البعض مني ذلك، لكنني أدعي أنني أسجل هذه الملاحظات من منطلق المحبة والإخلاص، ومن باب أن الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقته المشاعر والحواس، وأن كل السلوكيات المتحضرة في التعامل بالحسنى والتبسم في وجه الآخر، والأمانة والصدق والالتزام بالمواعيد وبالقوانين والأنظمة السائدة، هي من أخلاق الإسلام ورسالته السماوية السمحة التي ترعى حق الناس وتصون حق الجموع بلا تمايز أو تفرقة.

ومن هنا يقع على علمائنا الأجلاء إدراك الانتهازية لدى البعض، والتي تتلبس مظهر التدين لكنها تسيء إلى الدين دون رادع من نصيحة أو وعظ، صارت تقتضيه المرحلة الراهنة بحيث نعامل الناس من خلال سلوكياتهم وتصرفاتهم وجهدهم وإخلاصهم في الأداء الوظيفي وفي خدمة الناس دون النظر إلى مظهرهم الخارجي، ثم علينا أن نوطن الناس تربوياً وتعليمياً على احترام الناس وتوقيرهم على حد سواء لاعتبارات العمر والقيمة العلمية، أو من خلال ما تواتر عند الناس من قيمة خدمية أو خيرية إلى جانب تعزيز قيم التعامل بالحسنى مع الجميع دون الاقتصار على النظر إلى المظهر الخارجي والبناء عليه.

هذا الكلام لا يعني التعميم، لكنه يرفض التصنيف أو التقييم وتقسيم الناس فئوياً من خلال الحكم عليهم بهذا الشكل القشري.