نشرت مجلة (نيو إنجلاند ميديكال جورنال) في عددها يوم 9 مارس 2016 بشرى كبيرة جدا لمرضى الكلى، حيث لم يعد التطابق بين المتَبرع والمُتبرع له ضرورة. ويقول الخبراء إن ذلك يعد نقلة نوعية Paradigm Shift في الطب. الدراسة التي أعدها الأستاذ المشارك للجراحة في كلية الطب في جامعة ومستشفى جون هبكنز في مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند في الولايات المتحدة الأميركية الدكتور دوري سيجيف تقول: إن مرضى الكلى سيعيشون فترة أطول (بإذن الله) عندما تتم زراعة كلية لهم من متبرع حي غير متطابق بدلاً من الانتظار للحصول على كلية من متبرع متطابق مع المتُبرع له. وتقول نتائج الدراسة: إن ذلك سينقذ الكثيرين بإذن الله الذين قد ينتظرون الحصول على متبرع متطابق، وقد لا يحصلون عليه. وبالتحديد يقول الأطباء الذين أجروا الدراسة في مستشفى جون هبكنز: إن النتائج ستقدم أملاً للذين لديهم حساسية عالية للزراعة. وهؤلاء بالتحديد هم الذين لديهم قوة مناعية كبيرة جاهزة للهجوم على أي جسم غريب يتم إدخاله للجسم أو زرعه فيه. وأيضاً الذين تم نقل الدم لهم عدة مرات أثناء الغسيل الكلوي، والحوامل عدة مرات.. كل هؤلاء لديهم حساسية عالية للزراعة.. وتقول الدراسة: إن الحصول على متبرع مطابق لمن لديهم تلك الحساسية أمر يكاد يكون غير ممكن. البديل لكل ذلك زراعة الكلى من متبرع غير مطابق بمساعدة إجراء طبي خاص يتم فيه إبطال التحسس Desensitization لتقليل الخطورة التي كانت تتم في الماضي، والمتمثلة في هجمة نظام المناعة على الكلية المزروعة التي تعتبر عضو متبرع غريبا داخل الجسم. وقد كان لمستشفى جون هبكنز السبق في تنفيذ هذا الاكتشاف الطبي وتنفيذه، ثم تبعته مراكز أخرى.
يقول الدكتور سيجيف: إنه قد ثبت بشكل واضح بعد فترة طويلة جدوى هذا الإجراء الطبي، حيث ثبت من معلومات مستقاة من 22 مستشفى أميركيا تم جمعها بواسطة فريق شكّله بنفسه أن ثلاثة أرباع المرضى الذين تلقوا الزراعة من متبرع غير مطابق ما زالوا أحياء بعد 8 سنوات من الزراعة. ويقول الدكتور مايكل فلسنر مدير برنامج الكلى والمسالك وأمراض الدم في معهد أمراض السكر والجهاز الهضمي وأمراض الكلى الذي موّل الدراسة: "إن هذا سيكون ممارسة تقليدية". ولأن المريض الذي تتم له الزراعة من غير متطابق يتلقى علاجاً مكثفاً لإخماد نظام المناعة التحسسي فإنه معرض للتجرثم.. ويقول هارولد هلدرمان: "لكن المهم هنا مع قبولهم هذه المخاطر، أن هؤلاء المرضى سيعيشون حياة أطول". وفي دراسة الدكتور سيجيفالتي تتبع فيها 1000 مريض تلقوا تبرعات من متبرعين غير متطابقين، وأخذوا علاج إخماد التحسس في واحد من كل 22 مركزا في الولايات المتحدة، وقارن بينهم وبين مجموعتين على مدى 8 سنوات.. مجموعة تقوم بالغسيل الكلوي ومجموعة تلقت تبرعات متطابقة.. ووجد أن 76 % من الذين تلقوا تبرعات من غير متطابقين ما زالوا أحياء بعد 8 سنوات، بينما 44 % فقط من الذين يقومون بالغسيل الكلوي أحياء و63 % من الذين تلقوا تبرعات من متبرعين مطابقين أحياء. وبالرغم من ذلك فإن الزراعة من غير متطابقين ليست أمراً سهلاً.. لأن إخماد التحسس عند المرضى يحتاج إجراءً طبيا يسمى Plasmapheresis ليقوم بتطهير الدم من المضادات المناعية التي تهاجم الكلية الغريبة. وبعد ذلك يأخذ المريض علاجاً يمنع عودة هذه المضادات المناعية. وهذا الإجراء يحتاج الإعادة مرات عديدة قبل عملية الزراعة، ثم بعدها.
ووفقاً لمركز زراعة الكلى في جامعة وسكانسن، وهو أحد المراكز التي تقوم بالزراعة من غير متطابقين، فإن إجراء إلغاء التحسس يكلف من 20 إلى 30 ألف دولار، إضافة إلى تكلفة الزراعة نفسها. ويقول الدكتور سيجيف: إن ذلك لا يزال أرخص من عمليات الغسيل الكلوي المتكررة. كما أن أكثر من 100 ألف أميركي على قائمة انتظار متبرعين بالكلى.. ويتوقع الدكتور سيجيف أن 32 ألفا منهم سيقومون بالزراعة من متبرعين غير مطابقين.. ويرى أنه من مصلحة هؤلاء المرضى الزراعة من متبرعين غير مطابقين على أن ينتظروا مدداً طويلة متبرعين مطابقين. ويتفق معه الدكتور فلسر في هذا الرأي، ويقول: "هذا يشكل أملاً للعديد من العائلات الذين يمكنهم عمل إهداء عظيم". ونحن كمسلمين نقول إن ذلك بمشيئة الله وقدرته، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينفع بهذا الاكتشاف عباده، إنه على كل شيء قدير.