بعد ربع قرن من المشاركة الأولى في مؤتمر المعلم الثاني الذي عقد في رحاب جامعة أم القرى عام 1413 ببحث علمي تلقيت هذا العام دعوة كريمة من عمادة كلية التربية بالجامعة للكتابة في أحد محاور المؤتمر الخامس لإعداد المعلم، وكان تاريخ الدعوة هو 4 صفر 1437 وقبل انعقاد المؤتمر بحوالي شهرين ونصف الشهر، وهذا وقت لا يكفي لكتابة بحث علمي بمفهومه الصحيح، وبعد الاطلاع على عنوان المؤتمر وجدته مناسبا، وقررت المشاركة في أحد محاوره بورقة عمل، وحقيقة الأمر أن عنوانه كان جاذبا، وله صفة الحداثة "إعداد وتدريب المعلم في ضوء متطلبات التنمية ومستجدات العصر"، أما أغلب المحاور فلم تعكس عنوان المؤتمر بشكل مباشر، أو غير مباشر.

وبعد الاطلاع على جدول الجلسات، والأبحاث، والندوات التي تمت موافقة اللجنة العلمية عليها كانت هناك ردة فعل سلبية من كثير من الباحثين والمهتمين بهذا المجال حيال نوعية الأبحاث التي قبلت للعرض في جلسات المؤتمر، وذلك لأن التوقعات من جامعة أم القرى كانت عالية جدا فيما يخص التخطيط، والتنظيم، والتنفيذ لمثل هذه المؤتمرات بحكم خبراتها التراكمية في المؤتمرات بشكل عام ومؤتمرات المعلم على وجه الخصوص، لكن الواقع كان مختلفا إلى حد كبير، حيث كانت للمؤتمر صفة التقليدية في جلساته إلى حد كبير، ويبدو أن الجامعة لم تعمل له من الدعاية الإعلامية ما يستحقه هذا المؤتمر، واقتصر المؤتمر على المشاركات الداخلية، والمحلية فقط، وكان بالإمكان استقطاب بعض رموز التربية وإعداد المعلم والمهتمين بهذا المجال من الوطن العربي والعالم الإسلامي للمشاركة في محاور هذا المؤتمر المرتبطة بعنوانه، وبذلك نضمن أن تكون هناك خبرات عالمية تشارك في فعاليات هذا المؤتمر، وتثري جلساته ونقاشاته.

وقد سارت إجراءات المؤتمر ببطء شديد، خاصة فيما يخص اللجنة العلمية التي أرى أنها لم توفق بدرجة كبيرة في التعامل مع الأبحاث وأوراق العمل التي قدمت للمؤتمر، فلم تحسن اختيار الأبحاث وتنتقيها، خاصة المتعلقة بموضوعات، ومحاور المؤتمر، وهنا أقول لأعضاء اللجنة العلمية للمؤتمر أين متطلبات التنمية، ومستجدات العصر من الأبحاث التي تم ترشيحها للمؤتمر؟ كما أنها لم تهتم بالوقت، فلم تصل الموافقات النهائية للباحثين الذين قبلت مشاركاتهم إلا قبل موعد انعقاد المؤتمر بحوالي أربعة إلى ستة أيام فقط، كما أنه تم قبول 66 بحثا وورقة عمل في جلسات المؤتمر، وحوالي ثلث هذه البحوث وأوراق العمل على الأقل لا تنتمي للمؤتمر ومحاوره بشكل مباشر، وهنا أتساءل لماذا تم قبول هذه المشاركات التي لم تكن إضافة للمؤتمر بل هي عبء عليه؟ وهذا من أهم مسؤوليات اللجنة العلمية؛ فالعبرة هنا ليس بالكم بل بالنوع، والإضافة العلمية.

كما أن نسبة 33% من المشاركات خصصت لمنسوبي، ومنسوبات جامعة أم القرى، فلماذا لم يتم اقتصار المشاركات على منسوبي الجامعة في حالة توافر هذا العدد من الأبحاث التي تناسب محاور المؤتمر؟ وأعتقد أن كثيرا من الأبحاث التي وردت للمؤتمر غير قوية، أو غير مرتبطة بمحاوره، وكان من الأفضل أن يتم تأجيل المؤتمر إذا لم تكن هناك مشاركات قوية ترقى لمستوى عنوان المؤتمر ومجالاته.

أما الجلسات فكانت هناك عشر جلسات متزامنة، نظرا لكثرة الأبحاث، وكل جلسة بها ست أو سبع مشاركات، وخصص للجلسات ساعة، أو ساعة ونصف الساعة، وهذا يخلق تعارضا في حضور بعض الأبحاث لتضارب الوقت، أما إدارة جلسات المؤتمر فقد كان أغلبها يعاني ضعف التحكم في إدارة وقت الجلسات، أو المشاركات والتعليقات، مما أدى إلى تأخير بعض الجلسات وبدوره أثر على بدء الجلسات التي تليها؛ حيث تترك الفرصة للمتحدث لعرض ما لديه في أكثر من الوقت المحدد له، وبعض رؤساء الجلسات قسم الوقت المتاح له على المشاركين وطلب منهم عرض ما لديهم في خمس أو ثماني دقائق؛ لأن أغلب الجلسات لم تبدأ في الوقت المحدد لها، والوقت المتبقي لا يكفي لعرض مقدمة البحث أو أهدافه، والباحثون يحتاجون لوقت مناسب لعرض ما لديهم من نتائج لمشاركاتهم، أما المناقشات فكانت متفاوتة بين المشاركين، حيث لم يضبط وقتها؛ فالبعض يأخذ أكثر مما يحتاج، ويناقش بعض الموضوعات التي لا علاقة لها بالمحور، أو الأوراق المعروضة، وهذا من مسؤولية رئيس الجلسة، وإدارته الفاعلة لها.

كما تم توزيع مطبوعات المؤتمر غير مكتملة في الحقائب التي قدمت للباحثين، ولضيوف المؤتمر؛ حيث تم توزيع مطبوعات المحور الأول، والثاني، والثالث، ولم يتم توزيع مطبوعات المحور الرابع والخامس، وعند سؤال بعض الباحثين عن الأجزاء المتبقية كانت الإجابة بأنها في المطابع وستصل في نهاية اليوم الأول، ولكنها لم توزع بعد ذلك، وكنت أتمنى أن يتم توزيع مطبوعات المؤتمر مكتملة على أقراص حاسوبية خاصة، ونحن في عصر التقنية وبشكل يضمن وصولها لجميع الباحثين بشكل تقني، وخفيف الوزن، وبما يؤدي إلى توفير الوقت، والجهد، والمال الذي تتطلبه المطبوعات الورقية.