لم أتمالك نفسي من الفرحة وأنا أشاهد إحدى الشركات تنشر "صباتها" ومعداتها لبدء حفر الشارع الرئيسي المقارب لمنزلي، وتحويله إلى "حفريات" تعوق السير فيه، فهتفت بكل سعادة: "إيوه كذا.. من زمان انتم وينكم"؟!

قد تستغربون من هذا الموقف، وتظنون بأنني قلته ساخران ولكن الأمر ليس فيه أي سخرية على الإطلاق، بل إنني أكتب هذه الكلمات وأنا أحمد الله على هذه "الحفريات" التي ستشوه شارعنا، وذلك لسبب بسيط جدا، وهو أن هذا الشارع تحول إلى بؤرة "تفحيط" وتجمهر على مدار الساعة، لم تقض عليه كثرة الشكاوى التي تم رفعها الأهالي لجهاز المرور فكانت "الحفريات" هي الحل الشافي الذي أنقذ أهل الحي من شر "المفحطين" الذين لا يكلون ولا يملون.

تذكرت عندها قول المتنبي: "كفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَ شافِيَا"، وأنقل شطره الثاني بتصرف بسيط: "وَحَسْبُ الحفريات أنْ يكُنّ أمانِيَا".

علاقة ما سبق بواقعنا الرياضي المؤلم علاقة وثيقة، وهو أننا ارتضينا مرغمين بكثير من السلبيات "الحفريات"، ليس حبا فيها بل هربا من الكوارث "التفحيطية" التي تفوقها من باب القناعة بأخف الضررين وأقل الشرين.

رضينا بسلبية الحكم الأجنبي هربا من كوارث الحكم المحلي، وطالبنا بـ"عصا العم معيض" لفرض انضباط لم يفرضه "المرور" أقصد الاتحاد المنتخب ولجانه الهشة الضعيفة، والبعض يسعى إلى تصعيد مشاكلنا للفيفا، على الرغم من الضرر الذي قد يلحق برياضتنا، ولكنه يرى ذلك الضرر أخف من هذه الفوضى والتخبط والتحيز وعدم العدالة التي تعيشها رياضتنا.

"اضربه بالموت يرضى بالسخونة".