وثقت دراسات ميدانية طبقت على المسلمين في بريطانيا، حالات متزايدة من الكراهية والإساءة والترهيب والتحرش بالمسلمين، تفوق تلك التي تعلنها الجهات الرسمية في تقاريرها. وقال لـ«الوطن» مدير مركز الوليد بن طلال للدراسات الإسلامية في جامعة كامبريدج الدكتور ياسر سليمان: إن لتلك الاعتداءات تأثيرا مدمرا على الضحايا المسلمين.
كشف مدير مركز الوليد بن طلال للدراسات الإسلامية في جامعة كامبريدج الدكتور ياسر سليمان، عن جوانب غير معلنة في ما يخص تصاعد جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا ومدى انتشار "الإسلاموفوبيا". وقال "أعدت جامعة كامبريدج مجمل تلك الدراسات في تقرير جديد ضمها".
وأضاف: تكشف إحدى الدراسات التي أجراها الدكتور "ستيفي جاد هاردي" من قسم علم الجريمة بجامعة ليستر، أن معدلات الإساءة والترهيب والتحرش بالمسلمين، أعلى بكثير من تلك التي سجلها مسبقا المسح الميداني للجرائم في إنجلترا وويلز، وأعلى من الأرقام التي أوردتها الشرطة المحلية أيضا. وأوضح سليمان أن تلك الدراسات تمت وفق منهج تطبيقي يستند على قاعدة شعبية من الضحايا، وزيارات متكررة لمواقع مختارة في المدن، لتوثيق التجارب اليومية التي يعيشها المسلمون. شارك فيها 230 مسلما، إما من خلال المقابلات أو من خلال المسح الميداني.
الرجال الأكثر تأثرا
يتحدث الدكتور سليمان عن بعض ملامح تلك الدراسات التي أظهرت حجم المشكلة التي تواجه المسلمين في بريطانيا قائلا: هناك دراسة حديثة تبين أن نسبة
80 % من المسلمين، تعرضوا لحادثة أو أكثر من حوادث الاعتداء والتحرش على مواقع الشبكات الاجتماعية والمدونات وغرف المحادثة من الجنسين.
وأن الذكور أكثر عرضة من الإناث للجرائم عبر الإنترنت، ويمكن تفسير هذا الاختلاف جزئيا بأن النساء المسلمات هن الأكثر ظهورا، وبالتالي يمكن استهدافهن بسهولة أكبر في الطرقات، وهو الأمر الذي ألقت عليه الضوء الباحثة المشاركة في مركز الدراسات الإسلامية بجامعة كامبردج."جوليان هارجريفز".
بينما أظهر باحثون في "جامعة كارديف" في دراستهم عن دور "تويتر"، قِصر أمد جرائم الكراهية ضد المسلمين على الإنترنت، حيث تصل إلى أوجها فجأة، ثم تبدأ في التلاشي تدريجيا، وأفضل مثال على ذلك هو ما حدث في أعقاب قتل الجندي البريطاني "لي ريجبي" عام 2013 على يد أحد المحسوبين على الإسلام، حيث ارتفعت حدة المشاعر المعادية للمسلمين على شبكة الإنترنت بعد الأربع والعشرين ساعة الأولى من جريمة القتل، ثم انخفضت بعد ذلك بشكل حاد.
تدمير نفسي
يؤكد الدكتور ياسر سليمان إن لتلك الاعتداءات "تأثيرا مدمرا" على الضحايا، فقد تؤدي مشاعر القلق والضعف والخوف من اعتداءات مستقبلية إلى أن يقوم المسلمون بإجراء تغييرات جذرية في نمط حياتهم المعيشية. فآثار الآلام النفسية تدوم أكثر من الندوب الجسدية في كثير من الحالات، حيث كشفت دراسة حديثة أجريت في جامعة ساسكس، أن مثل هذه الاعتداءات ليس لها آثار مدمرة على الضحايا فقط، ولكن أيضا على المجتمع الذي يعيشون فيه.
وأظهرت هذه الدراسات أنه في كثير من الحالات يعاني الضحايا بشكل غير مباشر من اضطراب نفسي، قد يؤدي إلى حدوث تغيير قسري في نمط معيشتهم بسبب عدم رغبتهم في مغادرة منازلهم أو الأحياء التي يقطنونها.
ولا يعني ذلك بالطبع أنهم أكثر أمنا في منازلهم، وتسعى وسائل الإعلام الاجتماعية من خلال العديد من القنوات إلى مكافحة جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا، والتي أصبحت أكثر شيوعا على نحو متزايد في السنوات الأخيرة.
أجريت الدراسة على 230 مسلما
136 تعرضوا لجرائم كراهية ذات دوافع دينية، اقتصرت على الإساءة اللفظية
94 تعرضوا لجرائم كراهية ذات دوافع دينية عنيفة
22% منهم تعرضوا لاعتداء عنيف
43%تعرضوا للاعتداء بسبب اللباس والمظهر
6 مراكز للدراسات الإسلامية
أوضح سليمان قد تم إنشاء ستة مراكز للدراسات الإسلامية، تمولها مؤسسة الوليد للإنسانية، لتعزيز التفاهم الإسلامي - المسيحي من خلال البحث العلمي والمشاركة في السياسة العامة، وكذلك التواصل مع المجتمع، تتبع لأفضل الجامعات في العالم كجامعة كامبريدج، وجامعة جورج تاون، وجامعة هارفارد، والجامعة الأميركية في بيروت، والجامعة الأميركية في القاهرة، وجامعة أدنبرة.
مكافحة جرائم الكراهية
أشار سليمان إلى أن هناك عدة وسائل انتهت إليها معظم دراسات مكافحة جرائم الكراهية ضد المسلمين في المملكة المتحدة تمثلت في:
1 ضرورة معالجة المشكلة من جذورها بإنشاء العديد من البرامج مثل برنامج "الشباب في مواجهة الكراهية"، الذي تبناه مجلس "أدنبرة ولوثيان الإقليمي للمساواة".
2 رفع مستوى الوعي ضد جرائم الكراهية في المجتمعات المحلية.
3 إشراك الشباب وتشجيعهم على أن يقودوا حركة القضاء على الكراهية.
4 الاستمرار في نشر الوعي حول العقبات الكامنة، التي تعوق التفاهم الثقافي بين الشرق والغرب، سواء كانت دينية أو سياسية أو اقتصادية.