عندما تم تأسيس مؤسسة الفكر العربي في عام 2000، أي قبل ستة عشر عاما كمؤسسة دولية مستقلة غير ربحية، ليس لها ارتباط بالأنظمة أو التوجهات الحزبية أو بالطائفية، وكمبادرة تضامنية بين الفكر والمال لتنمية الاعتزاز بثوابت الأمة ومبادئها وقيمها وأخلاقها بنهج الحرية المسؤولة، لتُعنى بمختلف مجالات المعرفة وتسعى لتوحيد الجهود الفكرية والثقافية وتضامن الأمة والنهوض بها والحفاظ على هويتها، كان صاحب الفكرة الأمير خالد الفيصل الذي يتولى رئاستها يشعر بالتحدي الكبير الذي يواجهه لمعرفته بتاريخ المشروعات الثقافية والإحباط الذي تواجهه في عالمنا العربي..

والذي يعرف خالد الفيصل عن قرب يعرف شغفه للتحدي وذلك من خلال تاريخه في تبني مشروعات وطنيه ريادية ليس هنا المجال للتحدث عنها..عبر هذا التاريخ لمؤسسة الفكر العربي قدمت مشروعات وبرامج شهد لها المشاركون والمثقفون بـ"التميز"، وقد تشرفت بحضور العديد من مؤتمراتها في بيروت ودبي.. وتوجت هذه المشروعات بمشروع المؤسسة التاريخي في فكر 14 في القاهرة في ديسمبر 2015 تحت عنوان "التكامل العربي: تجارب، تحديات، وآفاق" بالشراكة مع جامعة الدول العربية في القاهرة بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيسها، التكامل، في سابقة تفردت بها مؤسسة الفكر العربي حيث تم لأول مرة في تاريخ جامعة الدول العربية تقديم مشروع للجامعة من مؤسسة أهلية تمثل المواطن العربي، هذا المشروع الذي يعتبر حلم كل مواطن عربي، حيث تم إقامة ورش عمل بمشاركة شخصيات وقيادات عربية باحثين وأساتذة جامعات ومثقفين وإعلاميين وشباب من مختلف الدول العربية في سابقة تفردت بها مؤسسة الفكر، وفجرت طاقات الشباب الذي أظهر من خلال مشاركاته تميزاً نوعياً في الإعداد والترتيب والمناقشات وإدارات الحوارات والإسهام فيها.

وهذا المؤتمر شكل الملتقى العربي الأول للمنظمات والهيئات والمجالس والاتحادات والصناديق العربية التكاملية، المنبثقة عن جامعة الدول العربية أو العاملة في إطارها، أو المرتبطة معها باتفاقيات تعاون، وتمحورت النقاشات حول «التكامل العربي» من مختلف الجوانب، وضرورة إعادة النظر في نظام جامعة الدول العربية كي تصبح أداة لتنفيذ الاقتراحات والتوصيات، وأهمية تنسيق المشاريع وتقويمها وتحديد الأولويات والحاجات واستثمار الدعم والتمويل في المشاريع المجدية. ودعوا إلى تفعيل صندوق التنمية العربية وتنفيذ قرارات الجامعة العربية، وإشراك منظمات المجتمع المدني في صياغة الآليات والقرارات، وإصلاح العمل العربي المشترك، وتأسيس قاعدة بيانات مشتركة وتمويل البحوث المشتركة وتعزيز التواصل بين المؤسسات العربية.

واعتبر المشاركون أن أزمة التكامل العربي أزمة سياسية، وأن المطلوب تعزيز الاستثمار والبحث عن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في الدول العربية، خصوصاً أننا نعاني ثغرات أدت إلى بروز تدخل خارجي في شؤون الدول العربية الداخلية، ما يفرض ضرورة إعادة الاعتبار إلى جامعة الدول العربية، وتفعيل مفهوم الوحدة العربية وتحقيقه. وقال الأمير خالد الفيصل في هذا الصدد: "لا بد أن نؤمن بشراكة المجتمع بفئاته كافة مع الدولة، خصوصاً في المشاريع التنموية لأنه لا يُمكن أن نلقي كل العبء على الدولة. ولذلك لا بُد أن تُؤمن الدولة بالمجتمع، وأن يُؤمن كذلك المجتمع بالدولة فالمشاركة ثقافة، وأننا ما زلنا مقصرين في هذا المجال." وهنا أود أن أوجه دعوة إلى أمين عام جامعة الدول العربية الجديد السيد أحمد أبو الغيط لأن يجعل مشروع التكامل العربي الذي طرحته مؤسسة الفكر من أولى أولياته، فهو يعرف ونحن والجميع أنه إذا تمكنت الجامعة العربية في فترة أمانته لها ترجمة مشروع مؤسسة الفكر العربي الذي طرحته في مؤتمر فكر 14 العام الماضي 2015 في القاهرة حول التكامل العربي فإن هذا سيعد إنجازا غير مسبوق في تاريخ الجامعة العربية على مدى سبعين عاماً. حيث يعد هذا المشروع كما عبر عنه المشاركون هدفا حضاريا يؤدي للملمة شتات العرب، ويؤدي إلى عدم اعتمادهم على الآخر، ويؤسس لمرحلة جديدة يحقق من خلالها آمال وطموحات الأمة العربية.. وسيعيد مشروع التكامل العربي هيبة الجامعة العربية، فالعرب هم أحوج الآن للجامعة العربية من أي وقت مضى، حيث العالم العربي يشهد شتاتا وانقساما وتناحرا لا مثيل لها.. مشروع التكامل العربي فرصة لإعادة النظر في نظام جامعة الدول العربية كي تصبح أداة لتنفيذ الاقتراحات والتوصيات، وتنسيق المشروعات وتقويمها وتحديد الأولويات والحاجات واستثمار الدعم والتمويل في المشاريع المجديّة. وهو فرصة لتقوم الجامعة العربية لتفعيل صندوق التنمية العربية وتنفيذ قراراتها، وإشراك منظمات المجتمع المدني في صياغة الآليات والقرارات، وإصلاح العمل العربي المشترك، وتأسيس قاعدة بيانات مشتركة وتمويل البحوث المشتركة وتعزيز التواصل بين المؤسسات العربية. نجاح الجامعة العربية في تنفذ مشروع مؤسسة الفكر حول التكامل العربي سيحل أزمة سياسية كبرى تعيشها الدول العربية.. ويؤدي إلى الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في الدول العربية. وخلاصة القول نشيد بالمستوى الذي وصلت إليه مؤسسة الفكر العربي المتمثل في طرح مشروعات عملاقة تخدم الأمة العربية وتلم شتاتها وتحل مشكلاتها، وهنا ندعو أمين عام الجامعة العربية لإعطاء هذا المشروع ما يستحقه كي يحقق حلم كل عربي، وتهنئة من الأعماق لمؤسسة الفكر العربي بالتوفيق في مواصلة مسيرتها، ودعوة من الأعماق للأمير خالد الفيصل بأن يمده الله بعونه وتوفيقه لمواصلة تحمل أعباء التحديات التي تواجه مشروعاته كافة التي نرى ونلمس ريادتها وتميزها لتحقق لوطننا وأمتنا أهدافها وريادتها.