تحيا مصر وتحيا السعودية، عاش كل من يمد الجسور بين الشعوب والأمم، كم كنت فرحا بخطاب خادم الحرمين الشريفين وهو يعلن عن بناء جسر يربط مصر بالسعودية، وزادت سعادتي بإعلان فخامة الرئيس السيسي بتسمية الجسر باسم جسر الملك سلمان، هذا الجسر ليس للسعودية ومصر ولكنه جسر العرب الذي يؤسس للمئات من الفرص الوظيفية، ويدعم حركة الاقتصاد بين إفريقيا وآسيا ويربط عرب المغرب بعرب المشرق.

هذا الجسر ليس جسرا عاديا إنه يربط أمة تتشرذم نتيجة ما حصل لأمتنا من تحديات هي في غنى عنها لو أنها بادرت بحل المشكلات التي تتراكم كل يوم، وركزت على الحلول بدلا من مواجهة نتائج عدم الحلول للمشكلات التي تواجه الشعوب، وأيضا لو أنها عملت لتلبية تطلعات الشعوب التي تبحث دائما عن التواصل والتكامل والتعاون بينها والتطور والتقدم ومحاربة ومكافحة جميع المشكلات التي تواجه الشعوب والمجتمعات العربية.

كم نحن بحاجة إلى فتح الحدود بين الدول العربية، وإحداث ثورة في العلاقات العربية العربية، نعم نريد ثورة في العلاقات بين دولنا وشعوبنا تأسس لكثير من الروابط والتعاون، بدلا من ثورات القتل والدمار والخراب ضد بعضها، نريد تعاونا شفافا يفتح المجال للمستقبل لأمتنا، ويغلق المجال أمام أعداء العرب الذين يتربصون بهم للعبث بأوطانهم ودولهم وممتلكاتهم وإضعافهم وكسر إرادتهم وثقتهم بأنفسهم.

نريد نهضة في العلاقات على جميع المستويات وفي جميع المجالات. أيها العرب لا تسمعوا لغيركم، لا تستجيبوا لأعدائكم، لقد جربتم الاعتماد على الغير ردحا من الزمان فوجدتموهم يحيكون لكم في الخفاء، ويعملون على العبث بدولكم. ومهما يكن من خلافات، سواء داخلية أو بينية، يجب أن تتم تسويتها بالحوار والنقاش وبالتدخل الأخوي من العرب بين بعضهم، لقد فوت العرب فرصا كثيرة للنهوض بالمجتمعات العربية نتيجة الصراع بين الدين والدولة. ونتيجة الخصومة بين بعض الدول والدين نتج عنه اختطاف الدين من جماعات استغلته للوصول إلى السلطة، ونتج عن هذا صراع باسم الله من ناحية وباسم السلطة من ناحية ثانية. وهكذا يجب أن يعلم الجميع أن الدين مسؤولية الدولة هي التي يجب عليها أن تحافظ على الدين وتؤسس المؤسسات الدينية وتحافظ على شعائر المسلمين وغير المسلمين، وألا تجعل من الدين عدوا لها، يستغله الباحثون عن السلطة ممن يجدون في الدين الوسيلة المثلى للوصول إليها.

تجربة التكامل السعودي المصري مهمة للغاية، وأهم من هذا أن تقتدي الدول الأخرى بهذه التجربة وتفتح المجال لمد الجسور بين بعضها البعض، وأن تسارع إلى حل خلافاتها الجغرافية، نريد أن نسمع من دول عربية أخرى الإعلان عن قطار العرب تكون مصر هي المحور الرئيسي فيه بين شمال إفريقيا على ساحل المتوسط وبين دول العرب في آسيا مرورا بالسعودية، أدعو الله ألا أموت حتى أسمع بمثل هذا القرار بقطار العرب الذي يربط الجزيرة العربية ببلاد الشام وشمال وشرق إفريقيا، ولعله يؤسس مستقبلا للقطار الإسلامي الذي يربط الدول الإسلامية ببعضها، وتستطيع الدول أن توفر تكاليف هذه القطارات من الأوقاف التي ستوقفها الشعوب لبناء هذه الشبكة العالمية.

أكيد يجب أن نعمل على مد الجسور الفكرية، وهدم جسور الاختلاف التي تبنى لتقسيم مجتمعاتنا طائفيا وعرقيا، يجب أن نعمل على حركة فكرية تسمح بالتواصل بين الشعوب، وأن يمنع منعا باتا النقاش في فرعيات الدين التي شتت العرب والمسلمين، نعم نريد مجتمعاتنا العربية تتواصل تتعاون تتكامل يحمي بعضها البعض الآخر. لا نريد الاتكاء على الخارج لمعالجة مشكلاتنا، نحن أمة تجمعنا اللغة والتاريخ والدين والثقافة المتنوعة، وسنظل متحدين على الرغم من جميع العواصف التي تعصف بأمتنا. ويجب قطع دابر المفسدين بأنواعهم المختلفة، والعمل على تأسيس العدالة بأعلى المستويات حتى يشعر الناس بالرضا والطمأنينة على حياتهم وأموالهم وأوطانهم.

هناك جسور أخرى موجودة بين مصر والسعودية، وبين السعودية ودول أخرى، جسور الثقافة والتعليم والصحة وغيرها، وهذه الجسور تم بناؤها على مدار عقود طولية، ولولاها لما مدت الجسور اليوم، هناك ألفة وتواصل بين السعودية ودول عربية كثيرة، نتيجة وجود العمالة التي تعمل في السعودية منذ عشرات السنين، وهناك دول تعتمد على مليارات الحوالات التي تتم من قبل العاملين في السعودية أو غيرها من دول الخليج العربية، وهذه جسور مالية واقتصادية وتجارية ومعرفية وغيرها. السعودية تقدم كثيرا وتحتاج من دول أخرى أن تبادر لوضع مشاريع تتشارك فيها مع دول الخليج لمد الجسور والتواصل بين الشعوب العربية والإسلامية. ولهذا يجب أن تكثف الجهود في استحداث الجسور المختلفة بين الشعوب العربية، حيث ستكون هذه الجسور وسيلة أخرى من وسائل ضرب الإرهاب وإخراجه من بيننا، ومنع المتسللين من خارج دولنا لاستغلال حاجة الناس أو ظروفهم لتشكيل قوى داخلية معادية للنسيج الوطني والعربي والإسلامي، لا بد أن نعترف بأن هناك تقصيرا من قبل جميع المجتمعات العربية من ناحية البحث لحل المشكلات التي تواجه العلاقات البينية بين الدول العربية الجارة وبين بقية الدول العربية، وأيضا ضعف الجهود لإيجاد الفرص التي تربط مجتمعاتنا ببعضها، وأيضا من ناحية البحث في مصادر القلق ومواجهتها.

يحدونا الأمل أن نسمع بجسور كثيرة تمهد لفك الاختناقات العربية العربية والإسلامية، وأخذ العبر من ثورات الهدم والتدمير والقتل والخراب للقيام بثورات البناء والتخطيط ومد الجسور بين شعوبنا ودولنا، ووضع مصالحنا العربية في رأس الأولويات حتى نقضي على مواضع التوتر التي تهدد دولنا ومجتمعاتنا، وإلى مزيد من الجسور في جميع المجالات، ونبارك لأمتنا العربية جسر الملك سلمان الذي يؤسس لمزيد من العلاقات والتواصل بين العرب من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي.