تأتي الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى أرض الكنانة -مصر- لتؤكد الترابط الأخوي العميق بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، كما أنها تصدر رسائل "الطمأنينة" للأمتين العربية والإسلامية، كون البلدين يعدان درع الدفاع الأول عن الجغرافيا العربية والإسلامية المترامية الأطراف.

للزيارة أسبابها ودوافعها الحقيقية، ويأتي على رأس تلك الأسباب قطع عرق الوتين في أعناق المشككين بالأخوة والصداقة العميقة التي تربط البلدين وشعبيهما والممتدة منذ أمد طويل، وفي نفس الوقت تحمل تلك الزيارة إشارات واضحة عن التنسيق بين الجانبين في مختلف المواضيع والقضايا، وعلى رأسها الأطماع الفارسية الإيرانية في الخليج العربي.

لا شك أن المملكة اليوم تمد جسور التواصل مع الإخوة والأشقاء والأصدقاء في مختلف بقاع العالم عطفا على الدور الريادي الذي باتت تمتلكه بقيادة زمام الأمتين العربية والإسلامية مع ملك الحزم والعزم سلمان الذي اضطرته المتغيرات السياسية المتلاحقة، وأطماع النفوذ الفارسي، والمدعوم ببعض أصحاب المصالح الذين يشتركون في المؤامرة، على تبديل سياسة المملكة تجاه الكثير من القضايا في المنطقة والعالم، لا سيما ما يتعلق بالجانب الأمني والسيادي للمملكة. ليبادر الملك سلمان إلى صناعة تاريخ عربي إسلامي جديد، يوحد المصالح المشتركة لأمته في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها.

كما حملت الزيارة في طياتها أنباء سارة لأبناء شعب مصر بتوقيع عدد من اتفاقيات التعاون المشترك في العديد من الجوانب الاقتصادية، وفي طليعتها ربط قارتي آسيا وإفريقيا بجسر تاريخي سيضرب البحر بعصا الحزم ليمتد بين البلدين باسطا أمواجه للعابرين بين أرض الحرمين وأرض الكنانة خلال السنوات القادمة.

سيسجل التاريخ في صفحاته هذا الإنجاز بأحرف ذهبية، وحسبنا من هذا المشروع انتهاء معاناة حجاج بيت الله العتيق من أبناء مصر الذين يضربون البحر كل عام ابتغاء زيارة مكة للحج أو العمرة والزيارة، وكم سجلت هذه الرحلات من حوادث أليمة لأبناء النيل.

كما سينشط ذلك المشروع الحركة التجارية بين البلدين، ويعزز الموارد المالية لكلا الجانبين عبر المنافذ البرية التي كانت حلما فيما مضى، لكنها باتت اليوم حقيقة تنتظر الأيام فقط ليعيش معها الجميع حدثا هو الأول من نوعه بين قارتين في العالم.