تعيش المجتمعات العربية صراعات أيديولوجية تتعلق بمكانة المرأة، تشغلهم عن مواكبة النهضة الصناعية والفكرية في المجتمعات غير العربية!

فلم يمتلك الشرقيون على مر العصور ثوابت أو رواسخ فكرية واضحة عن مكان المرأة الصحيح في النسيج الاجتماعي.

أدى ذلك إلى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه في كل بلد وإقليم، فتجد كل عائلة شرقية تملك "صورتها وتحليلها الخاص" عن مكانة المرأة! صورة متأرجحة متغيرة، حتى لدى العائلة الواحدة.

تذبذب مجتمعي و"تأرجح دائم" بين المنع والسماح! مثل تمكينها من استخراج "شريحة جوال" بعد أن كان ممنوعا حتى وقت قريب!، أو منعها من تجديد جواز السفر دون صك إعالة! تعمل أم لا تعمل؟ تلعب رياضة أم لا تلعب؟ تصافح أم لا تصافح، حتى إنك تجد الأخ أو الأب الحنون متذبذبا كموجات التيار الكهربائي، يضرب ابنته أو أخته ثم يحزن عليها، ويعتذر ويكرر ذلك موسميا! ثم يأتي الزوج ويكمل إخراج حلقات "مسلسل المعاتيه" بدلا منهما.

وللأسف! لم تنجح المرأة خلال العقود السابقة في تحديد مكانتها! فتجد المرأة الشرقية في الغالب متذبذبة بين الحجاب وخلعه! النقاب وفكه! محادثة أبناء العم والخال أم لا؟ المصافحة من عدمها! حتى إنك تجد المرأة الواحدة متنقلة سنويا بين هذين النقيضين بسبب عدم وجود مثال واضح في أدبياتنا الشرقية!

ولعل هذا التذبذب الفكري حيال المرأة ناتج عن ضعف المكون الثقافي لدى أكثرية النساء الشرقيات "الأمية الثقافية وليست الجامعية"، فانعكس ضعف مكونها الثقافي على تربيتها أبنائها "رجال المستقبل الذين يسومونها سوء العذاب".

ولن تجد شخصا معطوبا فكرياً إلا وله أُمّ كانت مشغولة بالماورائيات أو توافه المسلسلات أو الإشاعات على حساب تنمية قدرات أبنائها الثقافية! بعيدا عن نقيضي "التفسخ الأخلاقي" أو "التشدد والتنطع الفكري" الذي صبغ تصرفات المرأة الشرقية، نتيجة انقيادها وراء مظاهر التدين القشري مطلع الثمانينات وبداية "رحلة تذبذب طويلة" بين الركض خلف الفتاوى في المكالمات ثم الفضائيات.بعد الانشغال بالكتيبات والمختصرات القشرية التي ظهرت في العالم الإسلامي على حساب الكتب التقليدية! ثم جاءت الأشرطة السماعية، ومواقع تفسير الأحلام، وفك الأسحار، وطوالع الأبراج، فعادت بها الأدراج. ولم تعد المرأة الشرقية "مصنعا فكريا لأبنائها" الذين سيمارسون عليها أبشع أنواع التجارب الفكرية حال اشتداد عودهم وجريهم وراء كل واعظ أو مرشد متخصص في نشر فكرة "دونية" المرأة.