الأنظمة أو (القوانين) السعودية لها ثلاثة مصادر، تنشأ منها، وتترعرع فيها، وتصدر عنها.

الأول: مجلس الشورى بحكم اختصاصه التشريعي (التنظيمي) البحت، وبموجب المادة 23 من نظامه، ونصها [لمجلس الشورى اقتراح مشروع نظام جديد، أو اقتراح تعديل نظام نافذ، ودراسة ذلك في المجلس، وعلى رئيس مجلس الشورى رفع ما يقرره المجلس للملك].

الثاني/ مجلس الوزراء بحكم كونه السلطة التنفيذية في الدولة، ويعبر عنه بـ(الحكومة)، وقد ورد النص على ذلك الحق في نظامه المادة 21، ونصها [يدرس مجلِس الوزراء مشروعات الأنظمة واللوائح المعروضة عليه، ويُصوت عليها مادة مادة، ثم يصوت عليها بالجملة، وذلك حسب الإجراءات المرسومة في النظام الداخلي للمجلِس].

الثالث/ الوزارات المعنية بحكم إشرافها على مصالح عامة محددة، وقد جاء النص على حق الوزير المختص في المادة 22 من نظام مجلس الوزراء، ونصها [لكل وزير الحق بأن يقترح مشروع نظام أو لائحة يتعلق بأعمال وزارته. كما يحق لكل عضو من أعضاء مجلِس الوزراء أن يقترح ما يرى مصلحة من بحثه في المجلِس بعد موافقة رئيس مجلِس الوزراء].

ويأتي في حكم الوزير كل من رؤساء المصالح والهيئات والمؤسسات المرتبطة بالملك مباشرة؛ مثل: الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، والمجلس الأعلى للقضاء. ونحوهم.

ومن شرط صدور النظام تحقق دراسته من كل من مجلسي الشورى والوزراء بحسب المادة 67 من النظام الأساسي للحكم، ونصها [تختص السلطة التنظيمية بوضع الأنظمة واللوائح، فيما يُحقق المصلحة، أو يرفع المفسدة في شؤون الدولة، وفقاً لقواعد الشريعة الإسلامية، وتُمارس اختصاصاتها وفقاً لهذا النظام ونظامي مجلس الوزراء ومجلس الشورى].

وبحسب المادة 15 من نظام مجلس الشورى، ونص المقصود منها [يبدي مجلس الشورى الرأي في السياسات العامة للدولة التي تحال إليه من رئيس مجلس الوزراء، وله على وجه الخصوص ما يلي:

أ/ مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإبداء الرأي نحوها.

ب/ دراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات، واقتراح ما يراه بشأنها].

وبحسب المادة 20 من نظام مجلس الوزراء، ونصها [مع مُراعاة ما ورد في نظام مجلِس الشُورى، تصدر الأنظمة، والمُعاهدات، والاتفاقيات الدولية والامتيازات، وتُعدل بموجب مراسيم ملكية بعد دراستها من مجلِس الوزراء].

أما أدوات تبليغ الأنظمة فمحصورة في الأمر الملكي والمراسيم الملكية فقط.

والأمر الملكي: هو المعبر عن الإرادة المنفردة للملك يحفظه الله، دون بناء على دراسة من أي من المجلسين (الشورى، الوزراء)، والمتحقق في الأنظمة الأساسية الأربعة: النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الوزراء، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق.

والمرسوم الملكي: هو المعبر عن إرادة الملك يحفظه الله، بناء على دراسة من المجلسين (الشورى، الوزراء)، وهو المستخدم فيما عدا هذه الأنظمة الأربعة بحسب المادة 70 من نظام مجلس الوزراء، ونصها [تصدر الأنظمة، والمعاهدات، والاتفاقيات الدولية، والامتيازات، ويتم تعديلها بموجب مراسيم ملكية].

أما التنظيمات التي طرأت مؤخراً فليس لها محل في النظام السعودي، ولم تستخدم في عهود الملوك السابقين قبل عهد الملك عبدالله يرحمه الله فيما أعلم، حتى تكرر تباطؤ مجلس الشورى في دراسة الأنظمة، وتعذر التوافق بين مجلسي الشورى والوزراء في بعض ما يختلفان عليه من أحكام في بعض الأنظمة، مما حدا بمجلس الوزراء إلى استحداث ما يسمى بالتنظيم؛ اقتناصاً لكلمة ((تنظيم)) الواردة في المادة 56 من النظام الأساسي للحكم، ونص المقصود منها [ويبين نظام مجلس الوزراء صلاحيات المجلس فيما يتعلق بالشؤون الداخلية والخارجية، وتنظيم الأجهزة الحكومية، والتنسيق بينها].

ومن يطلع على نظام مجلس الوزراء لا يجد ذكراً لكلمة تنظيم إلا في عنوان يخص الأنظمة، والمعاهدات، والاتفاقيات، والامتيازات، واللوائح.

إضافةً إلى أن قرار مجلس الوزراء يبلغ بخطاب من رئيس مجلس الوزراء أو أحد نائبيه، بخلاف الأمر الملكي والمرسوم الملكي فيبلغان باسم الملك رعاه الله شخصياً، لا باسم موقعه من مجلس الوزراء، ولا باسم أيٍ من نائبيه يحفظهما الله.

وهذا التدرج الدستوري لازم ومؤثر في حجية أدوات التبليغ بصدور الأنظمة، أو استبدالها، أو إلغائها، أو تعديلها، ولا يسع المعنيين في مصادر القرار الجهل بها ولا تجاهلها؛ خصوصاً في دولتنا التي أضحت من الدول العشرين على مستوى العالم.