ليس لدي أدنى شك في أن برنامج التحول الوطني الذي ستعلن تفاصيله اليوم سيكون له الأثر الأكبر في تغيير العديد من الأسس التي كانت سببا ولعقود في بقاء الحال على ما هو عليه، دون أن يكون هناك أي تطوير حقيقي له تأثير واقعي، فكل المؤشرات تقول إن هذا البرنامج صمم من أجل أن ينهض بالبلاد اقتصاديا وتنمويا واجتماعيا.
ملامح هذا التحول الاقتصادي والتنموي بدأت منذ أشهر ومن خلال التصريحات المتفرقة للأمير محمد بن سلمان، إضافة لبعض القرارات التي اتخذت والتي أحدثت بين الناس نوعا من الصدمة في البداية إلا أنها وللمراقب المحايد سرعان ما أصبحت أسبابها واضحة في كونها قرارات تصب في مصلحة إعادة رسم البناء الاستهلاكي والمعيشي لمجتمع ربما اعتاد على نمط لم يعد صالحا أو ممكنا اليوم في ظل المتغيرات الديموجرافية والاقتصادية في البلاد.
وعليه فإن إعادة النظر في المفاهيم والأنظمة التي كانت لعقود طويلة أسسا اجتماعية عليها اليوم أن تتغير، فالمشاركة الاجتماعية في صناعة القرار أمر لا بد أن يكون جزءا من عملية التحول هذه، فربما لم يكن هناك سبب لذلك عندما كان المواطن يرفل في نعم الحياة المدعومة من الدولة، أما اليوم وبعد أن أصبح المواطن يدفع ويعامل بذات الأسس التي تطبق في الدول المتقدمة أمنيا واقتصاديا ومعيشيا، فمن المنطقي القول إنه يجب أن يكون الأساس في إقرار ما يريد، خصوصا فيما يتعلق بالمسائل التي كانت لعقود رهن رؤية فئة دون أخرى.
يجب أن يعي الجميع أن المجتمع ليس صوتا واحدا، هناك من يؤيد وهناك من يختلف وقد يعارض صراحة أحيانا، وهذا واقع، فالتأييد الأعمى "مثير للشفقة"، كما أن المعارضة الدائمة "عقدة نفسية"، والمجتمع الساعي للتحول اقتصاديا واجتماعيا عليه أن يتحول فكريا ونفسيا وأن يقبل فكرة أن (خير أمة أخرجت للناس) ليست بالضرورة تتحدث عنك أنت بالتحديد، فقد يكون الخير في فكرة الدفاع عن حق الإنسان في أن يكون مواطنا متساويا مع غيره، حتى وإن لم يقصر ثوبه أو يتفنن في مدح المسؤول والتطبيل له.
التحول اليوم هو تحول في كل شيء، فالحزم لا يتجزأ تماما كما الحقوق والواجبات، وأملنا في تحول جديد هو ما يجعلنا نرى الأمل في المستقبل مشرقا، فالمواطن يستحق الكثير والوطن أكثر.