كثر الحديث عن التحول لما بعد النفط واتفق الكثيرون على أنه ليس مصدرا آمنا للدخل ويتطلب تفعيل "تنويع مصادر الدخل"، وعلل الكثيرون بأن النفط سيتعرض إما لتقلبات بالأسعار أو ربما البدائل ستحل مكان كثير من استخدامات النفط، وبإحدى هذين السببين أو كلاهما اتفق الكثيرون على أن النفط ربما لن يكون ذا جدوى مستقبلا.

يعتبر وقود السيارات المستخدم الأكبر للنفط، فـ50% من استهلاك النفط بالعالم يُستخدم في وقود السيارات وتقريبا 20% تستهلكه الشاحنات بأنواعها، والبقية يُستهلك كوقود للطائرات والناقلات البحرية والقطارات وقليل من الكهرباء والبتروكيماويات.

تشير دراسات دولية إلى أن الطلب على النفط خلال الـ25 سنة القادمة سيرتفع فقط بمقدار 25% مع أن عدد السيارات سيرتفع من 760 مليون سيارة إلى 1700 مليون سيارة (أي أكثر من الضعف)، ويعود ذلك إلى 3 أسباب رئيسة: بدائل النفط، وتحسن أداء محركات السيارات، وثالثا التركيز على السيارات الصغيرة ذات الكفاءة العالية أو بالأحرى السيارات التي لا تستهلك وقودا بكميات كبيرة لصغر حجمها، خصوصا أن غالبية ارتفاع عدد السيارات في الصين والهند.

أيضا لا نعلم التطورات التي ممكن أن تحصل في تطوير اكتشافات النفط وتقنيات الحفر، ربما ينتشر النفط الصخري في بقية دول العالم، خصوصا أن مخزونه تحت الأرض أكثر من نوعية النفط المشابه لنفطنا في دول العالم، أو ربما نشاهد نفطا غير تقليدي آخر، فالمنافسون ربما كثيرون.

أحد السيناريوهات الواردة هو أن تضيق الحال بالنفط، ولكن ماذا على الدول النفطية عمله بالإضافة إلى تنويع مصادر الدخل؟ المملكة ستكون من الدول القوية في ذلك الوقت نظرا لمعطيات التنافس الحالية والمستقبلية، وما سيضيف لذلك هو تطوير "المحتوى المحلي" لمواد النفط والغاز، وأيضا تطوير تكنولوجيات النفط والغاز متى ما تم العمل عليها قريبا.

بما أن الطلب ربما يضعف من العميل الكبير – السيارات – وفي ظل زيادة العرض مع وجود بدائل للبنزين والديزل وأيضا تحسين أداء المحركات لتلك السيارات، فأرى أنه علينا إيجاد عمل مواز ليرفع من الطلب على البنزين، وقد يكون توليد الكهرباء بحيث تنتج المملكة الكهرباء من النفط وتصدرها إلى الخارج، خصوصا للهند والصين عبر عمان وخليج عمان. ربما يكون النقل للكهرباء بشراكة مع شركات عمانية وهندية وصينية.

توجه العالم هو توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والنووية والمتجددة كالشلالات والسدود والرياح والنفايات لعدة عوامل منها بيئية والأهم وفرة الموارد، ولكن في الأخير هو كهرباء سواء كان من الشمسية أو من الغاز أو من النفط أو من غيره.

الطلب على الكهرباء سيرتفع كثيرا في دول العالم جميعها باستثناء الدول التي سينقص عدد سكانها كاليابان وألمانيا. الطلب على الكهرباء سيرتفع كثيرا في الصين والهند، نظرا لزيادة عدد السكان وثانيا لزيادة الطلب على الكهرباء من السكان الحاليين الذين يعيشون ظروفا صعبة وسيكونون ضمن المهاجرين إلى المدن الكبيرة، المهم أن الدراسات المعتمدة تؤكد أن الطلب على الكهرباء سيرتفع عالميا، فعملية التصدير والاستيراد واردة، ولكن بدلا من أن ننافس الموارد الأخرى المستخدمة لتوليد الكهرباء، دعونا ننتج الكهرباء من نفطنا ونصدره كمنتج نهائي، ككهرباء.

قد يرى البعض غرابة في هذا التوجه، خصوصا أننا نواجه صعوبات حاليا في توليد الكهرباء ونحن هنا نتحدث عن المستقبل، ولكن ربما لو تمت دراسة الموضوع هذا من قبل الجامعات في التخصصات المعنية، لعله يعطينا تصورا، ولا ننسى أنه يوجد لدينا إنتاج حاليا من الكهرباء محليا باستخدام النفط الخام ومشتقاته، خصوصا الديزل وزيت الوقود.

أخيرا، فيما لو كان هناك توجه لهذا الطريق، علينا أن نطور قدراتنا العلمية في توليد الكهرباء ونقلها وتطوير تكنولوجيتها فنحن حاليا نستورد المعامل وتكنولوجياتها وما يزيد صعوبة هذا التوجه، هو أن توجهنا حاليا معاكس لتوليد الكهرباء من النفط، فلدينا خطط ومشاريع مستقبلية ودراسات للتحول إلى الشمسية والنووية والمتجددة.