عندما عيِّن المهندس خالد الفالح وزيراً للصحة في السعودية في العام الماضي، كُلِّف بإعادة تأهيل القطاع الصحي الذي كان يعاني من مشاكل عديدة. الآن، في دوره الجديد كوزير للطاقة والصناعة والثروة المعدنية، يجلب الفالح مهاراته إلى "أوبك" التي كانت منظمة عملاقة في وقت من الأوقات، لكن بعض المراقبين اعتبروا أنها خسرت دورها وأصبحت مهددة بالسقوط، حسب صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.


رجل الإنقاذ

في اجتماع المؤتمر الوزاري لـ"أوبك" في فيينا الأسبوع الماضي، أثبت الفالح أنه يستحق سمعته بأنه رجل الإنقاذ. ونقلت صحيفة (فاينانشال تايمز) أمس عن أحد المراقبين قوله إنه "بالرغم من انعدام التعاون بين الدول الأعضاء، فعل الفالح كل ما يستطيع لتهدئة الأعصاب".

 ويتحمل الفالح مهمة صعبة في قيادة منظمة أوبك في الوقت الذي تعاني فيه الدول الأعضاء من تبعات انخفاض سعر البترول لفترة طويلة.

الرسالة التي جلبها الوزير الفالح إلى أوبك كانت واضحة. بعد 18 شهرا من السماح لقوى السوق بموازنة العرض والطلب، تحتاج أوبك الآن إلى "تشجيع إعادة التوازن" وتوجيه مسار التعافي وتأكيد أهميتها في صناعة النفط العالمية. فيما بعد، قال الفالح للصحفيين إن إعادة سياسة تحديد للإنتاج لا تزال سابقة لأوانها.


توجيه السوق

يقول خبراء النفط إن السعودية لم تتخل في أي وقت عن دورها في توجيه السوق النفطية، وهي بحاجة لتقييد تقلبات السعر الحادة، لأنها ليست محصنة ضد الضغوط الاقتصادية. الفالح أكد أن ارتفاع مستوى مخزون النفط العالمي أمر يثير القلق، لكن أي ارتفاع كبير في سعر النفط مستقبلاً يمكن أن يكون مثيراً للقلق أيضاً.

في فيينا، كان على الفالح الذي ارتقى في مناصب شركة أرامكو السعودية حتى وصل إلى قمة الهرم، أن يصلح الأمور بعد انهيار محادثات الدوحة المتعلقة بتثبيت الإنتاج.

يقول المستشار السابق في البيت الأبيض، بوب ماكنالي، إن الوزير الفالح ذهب إلى فيينا لتحسين الوضع داخل أوبك بعد التوتر الذي ساد اجتماع الدوحة، "وقد نجح" وأصبحت أوبك أكثر تناغماً.

ولكن بعكس الوزير السابق علي النعيمي، فإن الوزير الفالح لا يحب الإدلاء بتصريحات كثيرة للصحفيين، ويتفادى المرور من صالون الفندق، ويفضل الممرات الخلفية ليتجنب الصحافة حتى يوم الاجتماع.





بدد عدة مخاوف

أضافت فاينانشال تايمز أنه حتى لو كانت مظاهر الوحدة في أوبك سطحية، إلا أنها هامة. يقول المدير التنفيذي لوكالة (بيرا) لاستشارات الطاقة في نيويورك، جاري روس، "إن السعودية أوصلت رسالة هامة بأن سلوكها سيكون مسؤولاً وبنَّاءً تجاه أسعار النفط". كما قال رئيس معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، بسام فتوح، إن الفالح بدد عدة مخاوف، مثل أن المملكة غير مهتمة بأوبك أو أنها ستغرق السوق بالنفط، كما أثبت أن "أوبك ليست سفينة بدون ربَّان".


سقف جديد للإنتاج

في الاجتماع نفسه، اقترح الفالح وضع سقف جديد للإنتاج، لكنه لم يعط رقماً محدداً، بحسب أحد الذين حضروا الاجتماع. لكن إيران اعترضت قائلة إن السقف بدون وجود حصة محددة لكل بلد لا فائدة منه، في الوقت الذي دعت فيه فنزويلا إلى وضع "نطاق لإنتاج النفط" لكل بلد. وأظهر الوزير الفالح تعاوناً ومرونة.

وبدلاً من التركيز على الفشل في الوصول إلى اتفاق، لفت الفالح الانتباه إلى تعافي السوق النفطية الحالي، وأكد لزملائه في أوبك أن المملكة لن تغرق السوق، الأمر الذي ساعد على إزالة المخاوف من أن تقوم السعودية بزيادة إنتاجها من النفط. حتى الوزير الإيراني بيجان زانجانه أعرب عن سعادته عن نتائج الاجتماع. الوزير الفالح قال فيما بعد للصحفيين إنه بالرغم من أن المملكة قادرة على زيادة إنتاجها إلى أكثر من 12.5 مليون برميل يومياً، إلا أنها مرتاحة في المستوى الحالي.