ابتكر الباحثون للمرة الأولى تقنية لقياس الحدس الباطني بعد أن اكتشفوا دليلا يثبت أن الناس قادرون على استخدام حدسهم لاتخاذ قرارات أسرع وأكثر ثقة، وذلك وفقا لنتائج الدراسة التي نشرت في مجلة العلوم النفسية للكاتب كاري نيرنبيرج. وعرف الباحثون الحدس بأنه عملية دماغية تُعطي الناس المقدرة على اتخاذ القرارات دون الحاجة إلى التحليل المنطقي.


تقنيات مستقبلية

وبرهنت التجربة أن المشتركين يتحسنون في استخدامهم لحدسهم مع مرور الوقت، حيث قال بيرسون: "كل ما في الأمر هو أن تتعلم كيف تستخدم معلوماتك الدماغية اللاشعورية تماما كما يشعر الناس بالراحة عند اتخاذ قراراتهم المبنية على المنطق والتفكير المتزن، وسيصبحون مع الوقت أكثر ثقة بحدسهم إذا تم استخدامه بشكل متكرر". ويعكف الباحثون في المستقبل على تطوير طريقة لتدريب الناس للاستفادة من حدسهم واختبارهم بعد ذلك للتحقق من تحسن حدسهم إثر الاستخدام المتكرر والممارسة.


دراسات سابقة

يقول الدكتور في علم النفس بجامعة "نيو ساوث ويلز" صاحب الدراسة جول بيرسون: "الدراسة أثبتت حقيقة وجود الحدس داخلنا، ويمكن قياسه". وأشار بيرسون إلى أن الدراسات السابقة لم تستطع قياس الحدس، لأن الباحثين لم يعرفوا كيفية فعل ذلك، فكانت معظم تلك الدراسات مبنية على معلومات تم جمعها من استبيانات تحتوي على أسئلة حول شعور الناس عندما يتخذون قراراتهم، وهو مجرد سرد لآراء الناس حول الحدس، وليس قياسا فعليا له. واستطاع بيرسون وزملاؤه إجراء سلسلة من التجارب لتحديد ما إذا كان الناس يستخدمون حدسهم حتى يرشدهم في اتخاذ قراراتهم أو أحكامهم، باعتبار أن الحدس عبارة عن تأثير "المعلومات العاطفية اللاشعورية" سواء من الجسم أو الدماغ.


قياس الحدس

 تم إجراء تجربة على 20 طالبا في الكلية، حيث عرض الباحثون صورا سوداء وبيضاء من نقط متحركة بشكل مستمر على نصف شاشة الحاسب الآلي، وطلب منهم أن يحددوا اتجاه حركة النقاط التي تتحرك بشكل عام من اليسار إلى اليمين، واتخذ المشتركون قرارهم أنهم رأوا مربعا مضيئا وملونا في الجهة الأخرى من الشاشة. ولكن في بعض الأحيان قام الباحثون بإدراج صور في هذا المربع الملون المصممة لتحفيز ردود المشتركين العاطفية كصور الأطفال أو المسدسات أو غيرها، لكن لم يستطع المشتركون أن يدركوا عرض هذه الصور العاطفية لأنها كانت تظهر بشكل سريع جدا فيصعب رؤيتها بشكل واع، حيث كانت تهدف إلى تحفيز المعلومات المتعلقة بالحدس. كما أثبتت النتائج أن المشتركين الذين عرضت عليهم صور إيجابية لا واعية، استطاعوا أن ينجحوا في المهمة المطلوبة منهم، وكانوا أكثر دقة في تحديد اتجاه حركة النقاط، وكانت إجاباتهم سريعة وأكثر ثقة.