فارس الغنامي



لا أدري فعلاً هل البعض يأتي إلى هذه الحياة حاملاً معه حقيبة من الأقنعة التي يمارس بها العيش؟ أم أن التناقض وباء معدٍ للبعض؟

هذا السؤال كان يدور بمخيلتي وأنا أحدق من نافذة الطائرة وأشاهد أضواء المدينة في محاولة لبدء شريط سينمائي مؤرشفٍ في ذاكرتي! شاهدته في إحدى الدول لبعض مطاوعتنا  ''يجلسون في أحد الكافيهات المختلطة" وهم مخففو اللحى حتى إني لم أعرفهم أول الأمر..! تذكرت ملامحهم السابقة، حين ينهر أحدهم في الأسواق على ''بنات خلق الله''، وفي جلسات الشباب حيث تنهمر دموعه وهو يقدم لهم وجبات طازجة  من طبخات تجاربه، أقصد التجارية الحياتية بإصلاح خلق من إن جر خلف المحرمات، حينها شعرت أن هذه النماذج تسيء إلى الدين والوطن والمواطن!

تمنيت أني لم أكن أعرفه، فحين لمح نظراتي سقط منه ألبوم صور الزواج المسفاري المؤقت، وعرفت ذلك من ارتباكه وهو يلتقط تلك الصور التي تساقطت تحت قدمه، وفي هذه اللحظة أتت صبية في العشرين من العمر، متسخة الملابس، تطلب منه المال فيرفض ويحتقرها، وحين غادرَتْ أتيتُ نحوه، فبادرني قائلًا: ''استر علي'' كانت عبارة عظيمة لا أنساها، وبعد دقائق جاء أصدقاؤه، أصدقاء أقنعة الالتزام، وهم مرتبكون! هنا عجزت عن الحديث معهم، أو ربما كان المشهد لا يتحمل، أو ربما لم أستطع ترتيب جمل الكلام، وبعدها أحسست أن المكان لا يحتمل وجودي، وبداخلي أقول: هل الالتزام مرتبط بالظاهر، أم بالباطن؟ وإذا كان بالظاهر فلماذا نحترم الشكل ونتجاهل الأفعال حين تكون خارج الوطن؟ وهل الأفعال أقوى بالحكم على هؤلاء وهم من جعل الدين يحاصره الأعداء، ويتربصون بأخطاء هؤلاء، والمثل يقول: '' الخير يخص والشر يعم'' لحية وثوبٌ قصير، ستكون ملاكا على الأرض، حتى لو كنت زبونًا للشقق المفروشة  في الخارج جيلٌ يتابعك، تحاسبه على حرية شخصية لم تتخطَ حدود الشرع! 

تعود لنا بقناع تنتقد به أخطاء الآخرين وأنت باعتقادك أنك في منأى عن دائرة النقد ..