شهدت العاصمة العراقية بغداد أخيرا زيارات مكثفة لمسؤولين أميركيين، إذ زار بغداد في غضون شهر واحد كل من: نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، وزير الخارجية جون كيري، ووزير الدفاع آش كارتر، مما يدل على إعادة أميركا تركيز اهتمامها مرة أخرى بالعراق، وإعادة التوازن في الشرق الأوسط ،في ظل حالة الفوضى التي تعيشها المنطقة.

ووفقا لتصريحات صدرت عن مسؤولين أميركيين، فإن زيارة كبار الشخصيات الثلاث لبغداد تلقي الضوء على ثلاثة أهداف رئيسية على نطاق واسع: دعم رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي في مواجهة الأزمة السياسية، واستعادة المواقع المسيطر عليها تنظيم داعش، والقضاء على "وهم" إمكان أن يحل النفوذ الإيراني محل الأميركي في العراق. وإذا ربطنا هذه الزيارات مع زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السعودية قبل 10 أيام، والموقف من مساعدات غير مشروطة للعراق، يمكن أن نرى بوضوح معنى زيارة بايدن إلى العراق والنوايا الأميركية الحالية.

وخلال الفترة الماضية، أدت خلافات المصالح في العراق إلى نشوب أزمة سياسية جعلت حكومة العبادي على وشك السقوط، وارتباط هذه الفوضى السياسية مباشرة مع التقدم السلس لإستراتيجية مكافحة الإرهاب الأميركية في الشرق الأوسط زاد من متاعب فريق الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وقد زار بايدن العراق 8 مرات حتى الآن، وعدم الإعلان عن الزيارة الأخيرة مسبقا يشير إلى أن الوضع الأمني ما يزال غير متفائل، كما يعكس أيضا حساسية وتعقيد الصراع بين الفصائل العراقية.

وتعدّ زيارة بايدن إلى العراق بمثابة رحلة "إطفاء النار" لإظهار الدعم الأميركي لحكومة العبادي، ومعارضة تهديدات العزل من قبل السنة والأكراد، ومساعدة الحكومة العراقية التي تضع في وقت وموضع حاسم لإنهاء الحرب الأهلية، وتوحيد القوات لمحاربة تنظيم داعش.

وخلال العام الماضي، حققت القوات الحكومية العراقية تحت دعم التحالف الدولي بقيادة أميركا نتائج جيدة في محاربة الإرهاب، واستعادت منطقة الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار من سيطرة داعش. ومع ذلك، فإن هدف أميركا هو استعادة الموصل السنية ثاني أكبر مدينة وطرد عناصر "داعش" من الحدود السورية والعراقية، للحد من انتشار الهجمات الإرهابية في الدول الأوروبية.

ومع ذلك، تأثر استكمال خطة الحكومة العراقية لاسترجاع الموصل في شهر أبريل الماضي بأزمة داخلية. لذلك، هدف زيارة بايدن إلى العراق هو حث مجموعة الفصائل العراقية على التخلي عن الخلافات الداخلية، والوقوف جنبا إلى جنب لاستعادة الموصل، وتجنب الفشل الذي كان على وشك النجاح في جبهة مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.

زيارة بايدن إلى العراق هي تهدئة حلفاء أميركا في المنطقة، والتأكيد بعدم تخلي أميركا عن العراق، وأنها لن تسمح لإيران بالسيطرة على العراق ليخل التوازن الإستراتيجي في الشرق الأوسط، ثم تحقيق موازنة في الخارج تتفق مع الدبلوماسية والإستراتيجية الأميركية، خصوصا في الشرق الأوسط، حيث تتناوب فيه القوات والأعراق والطوائف المتعددة على المدى الطويل.

وتأتي رحلات بايدن في إطار التركيز على إستراتيجية أميركا لإعادة التوازن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.