ينشط في مثل هذه الأيام الشارع التربوي بتقديم امتحانات الطلبة والطالبات بعد عناء عام كامل تخللته إجازة المطر والغبار والغياب. وجاء زمن التحصيل على آخر العام وبعدها فرحة الأسرة إن اجتاز الأبناء الامتحانات، لكن اليوم أصبح مع الامتحان امتحان آخر أمام الأسرة وهو صيادو المخدرات والمتربصون بعقول الشباب الذين جندتهم قوى الشر برصد المبالغ الطائلة لمن يريد الوقيعة بشبابنا في أتون المخدرات والفئة الضالة على أبواب المدارس وظلال أسوارها، وبكل أسف عندما تغيب عين الرقيب الأسري أو الجهات المعنية بحماية الوطن من الأشرار وبالدرجة الأولى الهيئة التعليمية التي تكفلت مشكورة بوضع لوحات الدخول والخروج والرقابة على أبواب المعاهد والمدارس للبنين والبنات؛ إلا أن حالة من الفلتان تحدث أحيانا عند غياب الرقيب وتقهقر دور الأسرة إلى عدم الاهتمام بفلذات أكبادهم.
هناك برامج مصممة مع الأسف بغرض جلب الشباب إلى مهاوي الردى وسحرهم بالمغريات عن طريق المقاهي والسيارات الفارهة والمكافآت التي كانت في البداية للتسلية، أما اليوم فهي بتخطيط الأعداء ورصد عدسات تحرك الشباب أمام المدارس، ولهذا أنبه الأسرة بأخذ الحيطة والحذر وفتح العيون أمام هؤلاء المغرضين الذين جعلوا من ساحات المدارس ذهابا وإيابا مرتعا للتسلية، ثم تتقلب الأمور إلى بكاء ودماء بعد التفحيط، وإغراء الشباب واستدراجهم إلى الوقوع في شبكة الفئات الضالة، ذلك أن فترة الامتحان أحيانا تصل إلى ما لا يقل عن أسبوعين تكون معدة من قبل الأعداء للبيع على الأبناء والبنات، حبوب السهر أو تنشيط الذاكرة أو سمها ما شئت، وفي النهاية تصبح عادة ثم إدمانا لا قدر الله.
يقول قائل لماذا هذا التوقع ولماذا التشاؤم وهذا نادرا ما يقع؟ أقول اسألوا بعض الآباء عن أبنائهم أيام الاختبارات واسألوهم عن كيفية المذاكرة، ستجد إجابات توحي بأن تجارب وقعت وإن كانت كما تقولون نادرة إلا أن الحيطة والحذر يوجبان الاهتمام بأبنائنا والسؤال عنهم، متى دخولهم وخروجهم من قاعات الامتحان مهما قطعت من مشاغل الآباء والأمهات، لأن غرق السفينة إذا وقع يصعب التجديف بها إلى الشاطئ، وكذلك لو وقع أحد أبنائنا في مصيدة رفقاء السوء فإنك في النهاية ترى المآسي في بعض البيوت نتيجة الإهمال أو التقصير، وتسليم الأبناء والبنات للخدم والسائقين.
إن المسؤولية عظيمة وإن كانت تقع على الندرة، لكن النار من مستصغر الشرر، وترك الأبناء يسهرون ويأتون للمدارس أيام الاختبارات دون تحصيل علمي ثم جنوح فكري أو عقلي، تسبب فيه إهمال أو عدم متابعة من الوالدين والمربين، يصعب معالجته فيما بعد إذا استفحل الأمر، وكم قرأنا عن صور ومشاهدات قامت بها مراكز الشرط والهيئات لسنوات مضت جعلتني أضيء الشعلة أمام هذه الأسر مجرد تنبيه، والناس يعيشون هذه الأيام فترة تحصيل علمي تعب فيها الأساتذة والمربون وأولياء الأمور والدولة من ورائهم، لترتقي الأمة بالعلم لا أن نجعل من سوق الامتحان بضاعة لمن يرصد أبناءنا ويتصيد من يغيب عنه الرقيب، والمسؤولية بلا شك مشتركة أمام المجتمع كله بمؤسساته المنبرية والإعلامية والتوجيه، والدور يتعاظم أمام وسائل الإعلام التي أصبحت شريكا في توعية الأسرة وأبنائها، والحرص على التنبيه بأي طريقة يصنعها رجال الإعلام وفي مختلف المواقع. وكان الله في عون الجميع لتحقيق الرسالة التي يتطلع إليها مجتمعنا السعودي بعد حصاد عام كامل.