قابلت في مطار فتاة باكستانية متزوجة من باكستاني ولد وتربى في ماليزيا وحصل على جنسيتها، كانت مغادرة إلى ماليزيا بعد زيارة لأسرتها التي تقيم في جدة منذ عقود، قالت أنا من مواليد جدة وهي المكان الذي أنتمي إليه ولا أستطيع البقاء فيه أكثر من فترة الزيارة التي تمنح لي سنوياً ثم التفتت بحزن نحو الزجاج الذي تطل خلفه جدة وكأنها تبتسم لكلينا، ثم عادت لتقول لا أشعر بأنني أنتمي لباكستان ولا لماليزيا لقد تربيت هنا ودرست وتزوجت، إن جذوري هاهنا وليس في أي مكان في العالم.

في الواقع ليست الوحيدة التي قابلتها من أبناء العالم الإسلامي الذين ولدوا وتربوا هنا ثم اضطروا للمغادرة بسبب قوانين الفيزا وإجراءاتها، ولكن ذلك لم يمنعهم من الحديث بحزن عن بلادنا والفرح بمشاركة القصص البالغة الحنين عن السعودية.

في كل دول العالم تعتبر الولادة في مكان ما أمرا يحسم مسألة الحصول على الجنسية والإقامة، خاصة مع طبيعة التنافس العالمي الآن، إذ يعدّ عدد السكان عاملا مؤثرا، والصين أكبر مثال على ذلك.

لا شك أن دول العالم لم تسمح بالانتماء إليها بمجرد الولادة إلا وهي واثقة من جدوى ذلك وأهميته بالنسبة إليها وإلى المولود، والشاعر العربي الحكيم يقول:

كمْ منزل في الأرضِ يألفه الفتى.. وحنينُه أبداً لأولِ منزلِ

في الواقع ما قاله سمو الأمير محمد بن سلمان عن الجرين كارد ومنح الإقامة الدائمة يدل على بعد نظر يملكه هو ورجاله، فالسعودية بتحسين ظروف الإقامة للراغبين ستضع عامل جذب آخر للكفاءات خاصة المسلمة، والتي تتمتع المملكة بمكانة كبيرة في دواخلهم، بالإضافة للبيئة الإسلامية المناسبة لأطفال المسلمين، وهي حلم هؤلاء الكفاءات التي تقول الإحصاءات إن أعدادهم في العالم الغربي تتزايد وتنبئ بهجرة عقول مسلمة نحن أولى بها، فبريطانيا وحدها 23% من العاملين في المجال الطبي فيها مسلمون، وغير المجال الطبي هناك نسبة كبيرة أيضا، لذا أن نقوم بجذبهم للعيش بيننا هو عمل عظيم نتمنى إنجازه قبل خمس سنوات المدة التي حددها الأمير محمد بن سلمان.