يوما ما قابلت شابا مميزا في جامعتي قال عنه أستاذي إنه سيحقق الفرق إذا عاد إلى السعودية في مجال ما، فأخبرته به ما إن رأيته، ليتطلع نحوي بحزن ويقول: لا أظن... في الواقع إن نسبة نجاحي أعلى هنا، ففي بلادي سيبحثون عن اسم والدي وعائلتي وتاريخي... إلخ.

يصعب على أي شخص أن يستمع لمثل هذا الحديث ولا يستميت لإقناع الفتى بخلافه، لكنه بدا غير معجب بحديثي عن الغد وحق الأكفأ.. إلخ.

في الواقع لا توجد منطقة لم يصلها التعليم، وكثير من الأطباء الآن هم من قرى لطالما دفنتها رمال الربع الخالي، وشيدت فيها السعودية مدارس وكليات جعلت أبناءها ينفضون الغبار عنهم ويلتحقون بسلم العلم والمعرفة، وسواء في الصحارى أو في منطقة عسير وضعت الحكومة للناس الطرق، فصار شبابها لا يقطع الطرق فقط، بل ينطلق عابرا القارات نحو أميركا وأوروبا، متسلحا بالعلم والمعرفة، وكذلك في جيزان وحائل وعرعر والجوف إلخ.

ثم إن هؤلاء ما زالت ذاكرة جيناتهم غنية بالقدرة على تحمل المسؤولية كما تحملها آباؤهم في بطون الجبال أو قممها أو عمق الصحارى من النفود إلى الربع الخالي، كما أن الصبر هو أيضا من أهم ما ورثوه من أجدادهم، ولا شك كذلك أن حب الوطن أيضا ورثوه من الرجال الذين ماتوا وهم يوحدون هذه الأرض ويصنعون حلمها.

إن هؤلاء الشباب ينتظرون مع الرؤية رؤية تمنحهم شرف خدمة بلادهم، ليس في الجيش فقط، بل في المناصب القيادية.

لقد منحتهم بلادهم أسباب التميز، وها هم ينجحون ويعودون آلافا مؤلفة، وسيكون من العسير عليهم ألا يحصلوا على ما يتوقعونه، خاصة أن بلاد العالم قد تغريهم بالبقاء فيها في وسط حمى التنافسية العالمية على صناعة الفرد، مما يجعل استثمارنا العظيم يصبح هدرا.

إن رؤية 2030 يجب أن تشتمل على وعود بحصول الأكفأ والأجدر، مما يصنع سباقا محموما بين شبابنا نحو الكفاءة والجدارة.