تحولت المدينة المنورة إلى وجهة لمئات الزوار من جميع أنحاء العالم هذه الأيام مع دخول شهر رمضان المبارك، وبدأ معه تحول المدينة إلى إرثها التاريخي المتنوع.

في جولة لـ"لوطن" بشوارع المنطقة المركزية التي تحولت مبانيها (خصوصا بعض الفنادق) من الداخل إلى متاحف تحوي عددا من مجسمات الزينة التي تحاكي مداخل المسجد النبوي، كما عرضت مجسما ذهبيا للشمامة العجيبة التي تحكي قصة قديمة وقعت في المسجد النبوي، التي يقول عنها الباحث في تاريخ المدينة عدنان العمري، إن أحد ملوك العجم من شرق آسيا في القرن الحادي عشر الهجري قام بإهداء الحجرة النبوية شمامة مصنوعة من الياقوت والألماس والذهب الخالص، وتم سبكها وصنعها بشكل بديع يشبه لحد كبير فاكهة الشمامة، فوضعت داخل الحجرة النبوية الشريفة، وكان سدنة المسجد النبوية (الأغوات) موكلين بتنظيف الحجرة من وقت لآخر، فاتفق ثلاثة منهم على سرقتها وقاموا بإخراجها من المسجد النبوي وتكسيرها وبيعها مجزئة على تجار المجوهرات ليكتشف أمرهم ويقدموا إلى قاضي المدينة الذي أمر بسجنهم ومنع دخولهم للحرم النبوي.

لمحة تاريخية

يقول صاحب كتاب (كسر الشمامة) نقلا عن مؤرخ المدينة السمهودي، وصلت إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم شمامة من شاه إيران - مرصعة بالجواهر، محشوة بالعنبر وهي من خالص العسجد، كروية الشكل كان قصد مهديها أن تنصب تجاه وجه الرسول الكريم وذلك أيام (أحمد آغا) شيخ الحرم المدني الشريف سنة 1118 في ظل الخلافة العثمانية، حيث سرقت من القبة التي بصحن المسجد الشريف، وقد ترتب على ذلك أمور وأحداث، فحصل للحكام والأغوات اضطراب من فقدها، وصارت حينئذ القضية المشهورة في التاريخ بقضية الشمامة العجمية، والتي حصل بكسرها انبعاث رائحة دلت على سارقيها، وأضاف "وقام المصنف العلامة الكبير عمر بن علي السمهودي المدني بسرد أحداث الواقعة والقضية هذه بصورة تاريخية أدبية بلاغية، وأؤكد أن القصة على وجازتها وبساطتها، إلا أن نشرها في كتاب في هذا الوقت فيه درس مهم وهو أنه لم يقف وجود قبر النبي بجانب قبر الشيخين أبي بكر وعمر حدا لبغض شاه إيران المذهبي، فأرسل شمامته بدعوى تكريم وتوقير النبي صلى الله عليه وسلم".

مدفع رمضان على الأبواب

عمدت بعض الفنادق في المدينة المنورة إلى جذب الزوار بنصب ما يشبه المدافع التراثية أمام بواباتها لجذب الزوار، يقول الباحث بتاريخ المدينة فؤاد المغامسي إن الروايات التاريخية تذكر أن أول مدينة أطلق فيها مدفع رمضان كانت القاهرة، وتعود القصة للعهد المملوكي، وتحديدا في عهد السطان المملوكي خشقدم 872/865 حيث أراد أن يجرب أحد المدافع الجديدة، وصادفت التجربة الجديدة للمدفع وقت صلاة المغرب في رمضان، وتشير الرواية إلى أن بعض الناس اعتقد أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين بحلول موعد الإفطار، عند ذلك خرج بعض الأعيان للسلطان لشكره على هذه الفكرة التي استمرت وما زالت.

والمدينة المنورة من هذه المدن التي اتبعت مصر في إطلاق المدافع الرمضانية، وكان في المدينة المنورة مدفعان الأول على جبل سلع يبلغ أهل المدينة بالإفطار وكان علامة إطلاق المدفع هو إضاءة المنارة الرئيسية باللون الأحمر، وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - كان المدفع الآخر فوق الهضبة الخارجية على قلعة قباء التي تبعد عن مسجد قباء مسافة 400 متر تقريبا.