ثامر الجبير



حرب تحرير الفلوجة نموذج من عدة نماذج يعيشها العراق وسورية ولبنان، تعمل فيها إيران على تغذية الطائفية وشرعنة تنظيم داعش الإرهابي لدى السكان السنة الموجودين في الفلوجة، إذ إن الحرب تمارس بطريقة طائفية لا تخدم العراق ومستقبله، وبالتالي ما الفائدة من تحرير الفلوجة وحربها أسهمت في زيادة الاحتقان الطائفي المغذي الرئيسي للفكر المتطرف، فتحرير الأرض في عالم الحروب غير النظامية لا يعني شيئا ما لم تسعى الدولة ومؤسساتها إلى تحرير العقول من الفكر المتطرف عبر اعتبار أن الوطن لجميع أبنائه قولا وممارسة.

إن تبرير الحكومة العراقية بوجود المدعو قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني مستشارا عسكريا للحكومة العراقية، يجلب السخرية أكثر من انه يجلب التمحيص والتدقيق للتأكد من سلامة رجاحة الحجة من عدمها.

والسؤال الذي ينشأ جراء ذلك هو: هل الحكومة العراقية لم تجد إلا قاسم سليماني ليكون مستشارا عسكريا لها في حرب تحرير الفلوجة من تنظيم إرهابي، وهو الذي تتضمن سيرته سجلا حافلا من التخطيط والدعم وإصدار التوجيهات لميليشيات إرهابية في اليمن والعراق وسورية ولبنان والقائمة تطول؟ وهل الحكومة العراقية لم تجد مستشارا عسكريا يتمتع بالحرفية والمهنية والنزاهة في 22 دولة عربية؟

إن هذا التصريح الرسمي العراقي دليل دامغ، إلى جانب أدلة أخرى دامغة، تدل أن النظام في بغداد أصبح مغلوبا على أمره أمام النظام الإيراني أكثر الأنظمة دعما للإرهاب.

لماذا لم تطلب الحكومة العراقية على أقل تقدير أن يقوم التحالف الإسلامي المنشأ حديثا من المملكة العربية السعودية، بمساعدتها في مكافحة الإرهاب على أراضيها أم أن السيد الإيراني يرفض ذلك؟

حررت الفلوجة أو لم تحرر، لن ينتهي الإرهاب في العراق، ما لم يؤمن العراقيون بالعودة إلي الحضن العربي، وأن يفهموا الحاضر والماضي جيدا، فالعراق وسورية ولبنان ليست مستقبل إيران، بل مقبرتها هي وأتباعها، فالأيام ستروي لنا ذلك، وعلى الحكومة العراقية وقادتها أن يتخذوا موقفا غير معادٍ للتاريخ.