هناك من يعتقد أن امتلاكه المال يخوّل له أن يشتري ما يريد، ويعبث بما يريد، ويفعل ما يريد!

التصرف في المال وفق القناعات الفردية أمر خطير، لأنه يعبث بالموارد العامة. والمعنى: إن كان الفعل ممكنا ماديا فهو مرفوض عقلا، ومحرم أحيانا. تنقل الكتب أن الفاروق، رضي الله عنه، عاتب أحدهم بقوله: "أوَ كلما اشتهيتم اشتريتم"!

قرأت قبل فترة عن مساءلة من يسرف أو يعبث بالموارد العامة، وهناك قانون -لدى وزارة المياه سابقا- يعاقب من يتسرب الماء من منزله نحو الشارع، وهو تعبير واضح عن الحفاظ على الموارد التي يشترك فيها الناس!

أنقل لكم ملخصا لقصة شهيرة، وجدتها في عشرات المواقع، وعلى الرغم من انتشارها إلا أن أحدا لا يخبرنا من هم أبطال القصة التي تقول، إن مجموعة من السياح العرب دخلوا أحد المطاعم في ألمانيا، فتحلقوا حول إحدى الطاولات، وطلبوا كمية كبيرة من الطعام، أكلوا القليل وغادروا المكان، عند الباب نادت عليهم سيدة عجوز كانت تراقبهم فيما يظهر، مبدية استياءها من هذا التصرف، فأجابها أحدهم: "لقد دفعنا ثمن الطعام الذي طلبناه، فلماذا تتدخلين فيما لا يعنيك"؟!

أنقل الحكاية بالمناسبة كما يتداولها الناس ولا أعلم صحتها. الخلاصة أن الرد لم يعجب السيدة العجوز، وهو ما دفعها إلى استيقافهم والاتصال عبر الهاتف بجهة ما، فوصل رجل في زي رسمي قدم نفسه على أنه موظف من مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وحرر لهم غرامة مادية، قائلا لهم بلهجة حازمة: "اطلبوا كمية الطعام التي يمكنكم استهلاكها. المال لكم لكن الموارد للجميع. وهناك العديد من الآخرين في العالم يواجهون نقص الموارد.. ليس لديكم سبب لهدر الموارد"!

بعيدا عن المواعظ والنصائح والخطب، نحن في حاجة إلى قوانين تحد من هدر الموارد. تأمل كيف أن المواعظ والنصائح لم تردع الإنسان من الإسراف في استخدام المياه، لكنه الخوف من موظف شركة المياه أن يحرر له مخالفة!

نعم، مرة ومرتين.. المال لك والموارد للجميع.