يقول الرئيس الأميركي الأسبق إبراهام لنكولين إنه "من الأفضل أن تلتزم الصمت وتجعل الآخرين يعتقدون أنك أحمق على أن تفتح فمك وتزيل شكوكهم بحماقتك".. إلا أن الملياردير والمرشح الرئاسي الأميركي القادم دونالد ترامب يصر على تصدير حماقاته كل ما سنحت له الفرصة رغما عنا ورغما عن أنف الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة ومحرر العبيد صاحب المقولة أعلاه.

في بداية رحلته الماراثونية للسباق نحو كرسي البيت الأبيض هاجم ترامب المسلمين بصورة قبيحة وفجة، متوعدا بالحد من توسعهم في بلاد العم سام بسلسلة من الإجراءات والقوانين تصل حد إلى منع أي مسلم من دخول الولايات المتحدة بشكل نهائي فيما إذا نجح في الوصول إلى رأس السلطة.

العنصرية التي أظهرها ترامب استشاط لها العالم غضبا وتوالت ردود الأفعال في مختلف وسائل الإعلام، حتى إن إدارة البيت الأبيض نفسه استنكرت تلك التصريحات، وبدا أن الرجل ربما فقد السيطرة – كليا - على لسانه كل ما ظهر أمام وسائل الإعلام وفي أي مناسبة. هذا ما بدا واضحا على الأقل في لقاءاته الأخيرة.

ترامب المرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية المقبلة عاد مجددا للتصريحات الحمقاء في مقابلة أجرتها معه قناة "MSNBC"، الجمعة 20 مايو ونقلت مضمونها قناة روسيا اليوم نقلا عن ترامب الذي قال: "لن أتدخل في سورية وأقوم بمحاربة الأسد بمثل هذه الشدة... كل من إيران وروسيا تعملان لصالح الأسد، مما يعني أن علينا مواجهة كل منهما، وفي الوقت نفسه ينبغي علينا أن نحارب داعش، الذي بدوره يقاتل ضد الأسد".

هذا شيء مثير للشفقة نسبيا لرجل ينافس على رئاسة الامبراطورية العظمى في العالم، فورقة الأسد أصبحت محروقة ورحيله بات ضرورة ملحة لمواصلة عمليات السلام والدخول للمرحلة الانتقالية القادمة التي يشترط لإنجاحها الرحيل الفوري للسفاح بشار وأزلام نظامه الذين يسفكون الدماء السورية منذ 5 أعوام حتى اللحظة.

الملياردير الأميركي في جهة والعالم في جهة أخرى "ترامب يهرف بما لا يعرف"، هذه حقيقة أدركها الجميع منذ اللحظة الأولى التي أظهر فيها الرجل عداءه لكل ما يمت للإسلام بصلة، وأخيرا عاد الرجل ليؤكد أن على المسلمين تسليم المشتبه بهم والتعاون مع الشرطة، مذكرا بأنه لا يكره الإسلام بل التطرف الديني ذا الصلة بالدين الإسلامي.

في المقابلة التلفزيونية إياها أكد ترامب أن داعش وبشار هما وجهان لعملة واحدة، وأنه لن يحارب الأسد حال فوزه بل سيتجه للقضاء على داعش واستئصال جذوره، مذكرا بأن داعش يقاتل الأسد أيضا في بلاد الشام، وأن روسيا وإيران تدعمان نظام الأسد، وبالتالي فإن الحرب مكلفة تجاه كل منهما على حدة، وفي الأخير اختصر كل تلك التناقضات بالقول إن لدى الولايات المتحدة الأميركية أمورا أخرى أكثر أهمية من الأسد.

رجل التناقضات والتصريحات "الفهلوية" و"الحمقاء" سيكون الكارثة القادمة التي ستضرب العالم حال فوزه بمنصب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، وستتذكرون جيدا ما أقوله هنا، وما قاله كبار الساسة حول العالم سابقا، وفي طليعتهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي يستعد لاستقبال هذا الأحمق خلال الأيام القادمة في مقر رئاسة الوزراء بالعاصمة البريطانية لندن.

ليس أسهل من إطلاق تصريح هنا أو هناك، فالعالم اليوم أصبح قرية صغيرة بفعل تكنولوجيا المعلومات الرقمية، ومثل هذا التناقض يعطي مؤشرا مخيفا عن القادم المجهول الذي يحمله ترشح ترامب للرئاسة، خصوصا مع تنامي الجماعات الإرهابية التي تعد إيران ذراعها الأول وبدعم روسي لم يعد بخاف على أحد، وغض الطرف عن الدور الروسي الإيراني في المنطقة -كما ألمح ترامب- سيزيد الطين بلة وسيوسع مخاطر تلك الجماعات في منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد، بل وفي العالم أجمع كذلك.