تضعنا الأرقام والإحصاءات في مقدمة الدول في العالم – نعم العالم – المانحة والمقدمة للإعانات والإغاثات والمساعدات الخيرية، وتتساوى في ذلك الدول المستفيدة دون تمييز ديني أو عرقي أو سياسي، على أن الدول العربية والإسلامية تأتي في مقدمة الدول التي تصلها مساعدات وإعانات المملكة.

وقد صرح بذلك الدكتور عبدالله الربيعة المشرف على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، لكن مع ذلك كله فإن المملكة ما زالت تلام، ويتم الانتقاص من أدوارها الإغاثية وتشن عليها الهجمات الإعلامية من الدول، خاصة تلك التي تغمرها مساعداتنا، ومعنى هذا أن دورنا وما نقدمه حقيقة لم يصل إلى علم الناس ومعرفتهم في تلك البلاد، وهذا يضعنا دائما في خانة "المأكول المذموم"، والأكيد أن صوتنا الإعلامي هناك لم ينجح في نقل الصورة لتصل إلى المعنيين حقا بالمساعدة، بل لقد مر علينا حين من الدهر كانت فيه إعاناتنا تصل إلى موانئ ومطارات الدول المستهدفة بالإغاثة، ثم يتم استبدال كراتين المساعدات السعودية بكراتين أخرى تحمل شعارات دول مناهضة لنا، وبالتالي يتم إرجاع الفضل والشكر لتلك الدول، والحقيقة أن الفقراء والمساكين المستهدفين بدعمنا لا يلامون، خاصة إذا كانت الإعانة تصلهم بهوية أخرى، وفوق هذا البخس فإن إعلام تلك الدول المأزومة بالفيضان أو الزلازل أو الحروب أو الوباء ربما يتعمد المأجورون فيه أو حتى الجهلة منهم التغطية على الحقيقة عمدا أو جهلا، والأكيد أننا نحن من يتحمل وزر هذا القصور، لضعف تواصلنا مع الوسائل الإعلامية في تلك الدول وإطلاعهم على الحقائق، كما أننا كنا في فترة مضت نقدم الإعانات مباشرة إلى رؤساء تلك الدول فيذهب معظمها في جيوب الرئيس وأعوانه والذين هم الرزية الكبرى التي تسببت في أزمات تلك البلدان، وأعني بعض الدول العربية والإسلامية التي تعاني – حاليا – من أوضاع مأساوية جاءت كمحصلة لفساد قيادات تلك البلاد على مدى عقود طويلة، وأعلم أن عملنا الخيري في معظمه يراد به وجه الله والدار الآخرة، لكنني على يقين أن شطرا من هذه المساعدات يجب أن يوظف سياسيا لخدمة مصالح المملكة، والمؤكد أن بعض ما يبذل من هذه الإعانات يتم وفق أهداف نفعية، لكنني رغم ذلك ما زلت أشعر بأن المملكة لا تحسن توظيف هذه المساعدات التي تتبوأ فيها مركزا متقدما دوليا على النحو الذي يخدم أهدافها وتوجهاتها، ولنا في كثير من الدول الكبرى أو في إيران مثالا يمكن أن يحتذى به، ولكن ليس على النحو الذي يمتهن الابتزاز والترهيب، كما تفعل إيران ومثيلاتها من الأنظمة الشمولية.

الخلاصة إنني لا أنتظر من المشرف على مركز الأمير سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أو أحد معاونيه أن يطلعنا أو يخبرنا نحن أبناء هذه البلاد عن أدوار المركز وحجم إعاناته، ذلك لأننا نعلم مثل ذلك وأكثر من ذلك، والأهم لدينا هو أن يعلم المعانون في الخارج أننا نحبهم ونشعر بمعاناتهم وأننا نضع أيدينا بأيديهم ونتشارك معهم في الهموم والسعي لدفعها ولا نريد جزاء ولا شكورا إلا من رب العالمين، لكننا لا نريد – أيضا – جحودا أو نكورا.