تعيش المليشيات الإيرانية الشيعية في العراق نشوة الوهم الزائف الذي يسيطر على قادتها ويبقيهم في قمم شاهقة - مؤقتا - من السراب لا أكثر، إذ سرعان ما تهوي بهم مع أول استفاقة أو مواجهة حقيقية على أرض الواقع بعيدا عن تلك الانتصارات المزيفة التي تروج لها تلك المليشيات منذ اليوم الأول لانطلاق عملية تحرير الفلوجة من قبضة تنظيم داعش.

وبين الوهم والحقيقة بون شاسع لا يدركه هؤلاء الحمقى، لأن العالم أجمع يعلم أن التحالف الدولي الذي تعد المملكة العربية السعودية أحد شركائه الفاعلين هو من يقود حربا ضروسا ضد عناصر التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها وتكويناتها في شتى بقاع الأرض، وفي سبيل ذلك أنشأت المملكة تحالفا عسكريا إسلاميا يضم أكثر من 34 دولة، كأكبر كتلة عسكرية دولية أنشئت خصيصا من أجل دحر تلك الجماعات والقضاء عليها.

تتوهم المليشيات الطائفية البغيضة تحقيق انتصارات "سرابية" على المملكة في حرب الفلوجة وغيرها من المناطق الأخرى، وتحاول تصدير ذلك الوهم عبر العديد من المظاهر، ومنها صور الإرهابي نمر النمر الذي تم تنفيذ الحكم الشرعي بحقه بداية العام الميلادي الجاري تعزيرا لتورطه بقضايا إرهاب وجرائم من الدرجة الأولى داخل أراضي المملكة.

بعد سلسلة من الهزائم المتوالية للنظام الإيراني ومليشياته في مختلف الدول العربية كاليمن وسورية ولبنان عاد القائمون على رأس ذلك النظام إلى محاولة الظهور بثوب المنتصر، من خلال تحويل جهود التحالف والمجتمع الدولي الساعية إلى القضاء على الإرهاب إلى انتصارات تخص المليشيات في صورة طائفية قبيحة لم تعد خافية على أحد.

إن ظهور الرموز الدينية والمرجعيات الشيعية في معظم تلك المعارك يحمل دلالات واضحة على أن الحرس الثوري الإيراني وكبار مستشاريه متورطون فيما يحدث، في محاولة بائسة لإعادة تدوير أركان النظام الإيراني الذي أوصل العراق إلى هذا المشهد الدامي خلال السنوات الماضية، وتحديدا منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين واحتلال القوات الأميركية بغداد وتولي المليشيات الإيرانية زمام الأمور في بلاد الرافدين.

وغير بعيد أن الإعلام الموالي لتلك المليشيات أيضا أظهر خطابا طائفيا واضحا في هذا الشأن، خاصة فيما يتعلق بالأوصاف التي يطلقها على المواجهة بين أبناء العراق وبين القادمين من جبال الشيشان وأوزبكستان وتركمانستان وغيرها من الدول الإسلامية التي لا يستطيع أحد إنكار تواجد عناصرها هناك، بيد أن المدينة فيها غالبية أخرى أيضا من سنة العراق الذين يخشى عليهم من عواقب التصفية العرقية الطائفية مع كل تقدم تحققه قوات الجيش وميليشيا الحشد في المدينة.

وعلى الرغم من محاولة الحكومة العراقية إبعاد هذه المعارك عن النزاعات الطائفية إلا أن الحقيقة الواضحة للعيان أن ميليشيات الحشد تمضي قدما في تصوير المعركة حربا بين الشيعة والسنة فحسب، مع أن التنظيم الدولي المتطرف ينظر إلى المملكة العربية السعودية كألد خصومه في المنطقة، وسبق أن قاد هجمات متفرقة على العديد من المناطق السعودية في فترات متفاوتة لم يستثن منها حتى المساجد.

إن المحاولات البائسة لأركان النظام الإيراني لوضع السعودية وداعش في خانة واحدة ستبوء بالفشل، لأن موقف المملكة واضح إزاء الإرهاب والإرهابيين، وتلك المحاولات تؤكد وبلا شك أن أيادي إيران الخبيثة هي من تقف خلف تلك الجماعات كونها المستفيد الأول مما يحدث.