كثيرا ما اقترنت الأزمة السورية بالنزوح واللاجئين وتهريب البشر عبر بحر إيجة باتجاه أوروبا، لكن عاملا في إحدى هيئات الإغاثة، اخترع تهريبا من نوع آخر، يتمثل في جلب الدمى واللعب من فنلندة إلى أطفال سورية، لرسم البسمة على وجوههم، في محاولة لإخراجهم من كآبة المنظر في الحرب، والمعاناة التي يلاقيها السكان المدنيون في بعض المناطق، خاصة في ريف حلب.

ومع أول مهمة  لعامل الإغاثة، رامي أدهم، 43 عاما، وهو فنلندي من أصل سوري، لتقديم المعونة إلى حلب عبر الحدود إلى سورية، حمل مع الطعام والدواء 61 دمية.



أصل الفكرة

نقلت صحيفة "ديلي تلجراف" البريطانية، عن أدهم قوله، إنه لم يكن في تخطيطه أن يحمل اللعب، قبل أن تصر طفلته ياسمين، البالغة من العمر 3 أعوام، على التبرع بدميتها لأطفال سورية، بشرط أن تحصل على دمية جديدة لباربي حين عودتها. وأضافت الصحيفة أن الأب شرع في تنفيذ طلب ابنته الصغيرة، خلال جلب مجموعة من الدمى وإخفائها ضمن أكياس المساعدات، حتى اكتسب لقب "مهرب اللعب".

وأوضحت الصحيفة أنه أوصل آلاف العرائس والدمى إلى أطفال سورية، خلال السنوات الأربع الماضية. وقال أدهم "في المرة الأولى ذهبنا إلى مخيم أطمة للاجئين بالقرب من الحدود التركية، وكنا قد أحضرنا الطعام، لكن عندما بدأنا نوزع اللعب حدثت جلبة كبيرة، وكان الأطفال يأتون من كل حدب وصوب، فأدركت وقتها أنهم لا يفكرون في الطعام، وكل ما يريدونه هو اللعب".

وأضاف أنه دأب على السفر من موطنه في فنلندا إلى سورية كل شهرين، رغم كل المخاطر، مشيرا إلى أنه في كل مرة يحمل معه 80 كجم من اللُعب التي يتبرع بها البعض، عبر الحدود من تركيا إلى مخيم أطمة وإلى حلب.



27 زيارة

أكد أدهم أنه اضطر في يونيو الماضي، إلى السير نحو 12 كلم في مدينة حلب، لافتا إلى أن تلك الزيارة كانت السابعة والعشرين لحلب منذ عام 2011، واصفا إياها في الوقت نفسه بالأخطر، وقال "الخطر الذي واجهني أنا ومن معي، فاق الوصف، إذ توفي ستة أيتام كانوا تحت رعايتنا عندما كنا هناك". وأطفال سورية الآن يواجهون الموت وانعدام الأمن والتهديدات المستمرة، واللُعب بالنسبة لهم تمثل أهمية كبيرة".

يذكر أن رامي ولد في سورية وهاجر إلى فنلندا عام 1988، إذ أدار من هناك وكالة للإغاثة، وهو حاليا يعمل على جمع اللعب ويتأهب لرحلته المقبلة. ويشار إلى أن الحرب المستمرة منذ 5 سنوات ألقت بظلالها على المدنيين، خاصة الأطفال الذين يعانون مشكلات اجتماعية ونفسية مزمنة فرضتها وحشية النظام. ولخص خبراء في علم النفس أبرز انعكاسات الحرب على أطفال سورية في الخوف المستمر، والاضطرابات الانفعالية الحادة، والاضطرابات الاكتئابية الشديدة.

إلى ذلك، تؤكد تقارير أممية أن أكثر من 80% من الأطفال في البلاد، تأثروا بالنزاع، سواء من بقوا داخل البلاد أو الذين أصبحوا لاجئين في الدول المجاورة. وتشير منظمة يونيسف للأطفال إلى أن نحو مليوني طفل سوري لاجئ في حاجة إلى دعم وعلاج نفسي.