على منبر الكتابة تسقُط الاختلافات الشخصية لا الفكرية، ويبقى مضمون الشيء الجميل الذي يُطرح بعيداً عن البعد الشخصي، أو الديني، أو المكاني.
فحين يكتب القلم لا بد أن نقصي ميولنا الشخصي ونتحدث بلسان المنطق الذي يقول: إن ميزة الكاتب أن يكون منصفا في قراءته لجوانب وزاويا كل موضوع، ومنصفا في نقده للكتابة قبل أن تكون مهنة عملية.
في الوسط الكتابي لا شيء شخصي، ولا يحق للكاتب أن يجعل من الميول والاختلاف نقطة ثأر في كل مرة يقف أمامها كناقد، وحين يوجه النقد لشخص بعينه لا بد أن يكون في مكانه الصحيح لأن الناقد يقع على عاتقه التوضيح لا التوبيخ والتوجيه والتنبيه والتنقيح، كناقد لا تتحيز لاسم ولا لقبيلة ولا لمدينة معينة، واحترم القلم الذي تكتب به، ضع كل شيء جانبا وأبد رأيك وانقد بمصداقية وأمانة المهنية، وابتعد عن لغة التجريح، ارتقِ بقلمك وأنت تقيم، واجعل من نقدك بداية انطلاقة جديدة تجعل الكاتب يستفيد منها ليتطور قلمه لا لييأس ويتدهور، شجعوا المواهب، واحتضنوا الأقلام، وتبنوا الأفكار، وانتقوا أجمل الألفاظ قبل أن تختاروا أسوأها، ولا تقارنوا كاتبا مُحترِفا بمبتدئ، لأن ذاك قد بلغ شوطا كبيرا وهذا ما زال يخطو على بداية الطريق.
الكتابة أصدق الفنون لأنها تتحدث بلغة المشاعر، فلا تحولوا ساحة الكتابة إلى ساحة حرب يشُن فيه الناقد حربه على كل من يختلف معه ويعارضه في الرأي، ليُطلق رصاصات النقد ليصيب بها العُمق لتُحدث شرخاً في روح قلم كاتب ما، فلا يستطيع بعدها أن يعود بذات الثقة واليقين اللذين كان يحملهما في السابق.
عزيزي الناقد.. عزيزتي الناقدة، لا تكن حاقدا، ولا تكوني حاقدة، فنحن في ساحة حرف لا ساحة حرب.