أكدت دراسة صادرة عن المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، حرص تنظيم داعش على تركيز هجماته في أوروبا على كل من ألمانيا وفرنسا، اللتين شهدتا عمليات إرهابية عديدة خلال الفترة الماضية، ، مما دفع المكتب الأوروبي لأجهزة الشرطة الأوروبية "يوروبول"، للإعلان في 20 يوليو أن الهجمات التي تقوم بتنفيذها ما تسمى بـ"الذئاب المنفردة" باتت تمثل خطورة شديدة على أمن ومصالح الدول الأوروبية، خاصة في ظل ما كشفته من صعوبة في تعقبها ورصدها قبل وقوعها من جانب أجهزة الأمن.


أسباب تزايد الإرهاب

أرجعت الدراسة استهداف داعش لكل من فرنسا وألمانيا إلى أربعة اعتبارات رئيسية، في مقدمتها استغلال تدفق اللاجئين إلى الدول الأوروبية، خاصة ألمانيا التي استقبلت نحو مليون ومئة ألف لاجئ خلال العام الماضي فقط، كما أن تبني أسلوب "الذئاب المنفردة" كان له دور كبير في تصاعد الهجمات، حيث بدأ التنظيم في التركيز على تنفيذ عمليات إرهابية يصعب رصدها قبل وقوعها من خلال مجموعات صغيرة تعمل بشكل منفرد، وهو ما يبدو جليا في العمليتين الأخيرتين اللتين وقعتا في فرنسا وألمانيا، ففضلا عن استغلال تدفق اللاجئين إلى الدول الأوروبية في تجاوز الإجراءات الأمنية التي تتبعها الدول الأوروبية، فقد اتجه التنظيم أيضا إلى دعوة المسلمين المقيمين في تلك الدول إلى تنفيذ عمليات داخلها، بدعوى الرد على الإجراءات التي تتخذها تجاههم وعلى السياسات التي تتبعها إزاء قضايا الشرق الأوسط.


 الحرب ضد الدواعش

أضافت الدراسة أن تصاعد دور الدولتين في الحرب ضد الإرهاب هو أحد أسباب زيادة العمليات الإرهابية، وإضافة إلى مشاركتهما في عمليات التحالف الدولي في سورية والعراق، مارست فرنسا دورا بارزا في الحرب ضد التنظيمات الإرهابية في إفريقيا، ليس فقط في شمال مالي، وإنما في بعض مناطق الأزمات الأخرى مثل ليبيا، وهو ما انعكس في إعلان الحكومة الفرنسية الأسبوع الماضي عن مقتل ثلاثة من عسكرييها في ليبيا، كانوا ينفذون عمليات استخباراتية، وتأكيدها على وجود قوات خاصة لها. كما تشارك ألمانيا في العمليات التي يقوم بها التحالف الدولي، وتقدم مساعدات عسكرية لقوات "البيشمركة" الكردية لتعزيز قدرتها على محاربة الدواعش، .


العداء العقائدي

تابعت الدراسة أن هناك عداء عقائديا، إذ يسعى المتشددون إلى استهداف النموذج العلماني الفرنسي، باعتباره أبرز النماذج العلمانية في الدول الغربية، حيث يرفض المبادئ التي يتبناها هذا النموذج على غرار الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة، ودائما ما وجه انتقادات لفرنسا بسبب عدم السماح بارتداء الحجاب وعدم الفصل بين الجنسين في المدارس الحكومية. وفي هذا السياق، وجه التنظيم دعوة، في بداية ديسمبر 2015، إلى الآباء المسلمين في فرنسا بسحب أبنائهم من المدارس الفرنسية بدعوة أن مناهجها تروج للنموذج العلماني، بل طالب بقتل المدرسين الذين يقومون بتدريس تلك المناهج للتلاميذ.

‎وانتهت الدراسة إلى أن حرص "داعش" على استهداف الدولتين يفرض تداعيات عديدة منها: تبنيهما سياسة أكثر تشددا في التعامل مع قضايا اللاجئين، حيث أدى إلى تكرار العمليات الإرهابية الأخيرة، فضلا عن تحذيرات بعض المسؤولين الألمان من إمكانية وقوع مزيد من العمليات.