أن يقابلك شخص في أحد الأسواق التجارية وهو محمل بأكيال من الأدعية والتوسلات لها القدرة على تحويلك من مستهلك بسيط إلى "حاتم الطائي"، فتصبح بعد نثرها على مسمعك مستعدا لتتقاسم ما تحويه محفظتك الصغيرة من مال مع ذاك الشخص دون أدنى محاولة للتحقق من حاجته، فهذا ما أطلق عليه "تجارة المشاعر".

أكاد أجزم أن مدينة "تبوك" أصبحت اليوم من المدن الثلاث الأولى في المملكة، إن لم تكن على رأس القائمة، في احتوائها أكبر عدد من المتسولين، فبمجرد سيرك لدقائق في شوارعها التجارية سيصعقك ذلك الكم الهائل من المتسولين أو "تجار المشاعر"، في ظل غياب أي دور ميداني "لإدارة مكافحة التسول" التي ما زلت أتساءل: هل يقضي منسوبوها حاجاتهم المتنوعة من تلكم الأسواق المكدسة بالمتسولين التي يرتادها سكان المنطقة، أم أنهم يقضونها من أسواق لا يراها غيرهم؟!

قبل أيام قليلة، قررت خلال تسوقي سؤال أصحاب المحلات التجارية عما يرونه من دور لإدارة مكافحة التسول فيما يحصل من فوضى داخل أسواقهم، فكانت الإجابة الغالبة أن دور الإدارة ضئيل جدا إن لم يكن معدوما، وأنها قررت الاكتفاء بجولة ميدانية واحدة فقط في بداية رمضان، ثم عادت إلى سباتها الدائم متناسية أن الأيام القادمة هي ذروة نشاط عصابات التسول، فكان سؤالي الآخر عن معرفتهم رقم مكتب مكافحة التسول في تبوك، فكانت الإجابة الأكثر تداولا أنهم -إضافة إلى كاتب هذه السطور- ما يزالون مشككين في وصول تقنية الاتصال الهاتفي إلى فرع الإدارة!

ربما يخفى على مكتب مكافحة التسول في تبوك أن التسول هو أحد طرق تمويل الجماعات الإرهابية والتخريبية، قبل أن يكون سببا في توجيه الأعمال الخيرية إلى غير مستحقيها.

أخيرا، تمنياتي أن يصدر توجيه من إمارة منطقة تبوك بتكليف الجهات المعنية بدء حملة صارمة للقضاء على تلك الظاهرة التي كان لها دور كبير في تشويه شوارع المنطقة وصورة سكانها.