اختلف العرب على ماهية المأكول المذموم. هناك من قال إنه نوع من السمك، وقيل خبز الذرة، وفي اليمن يقولون "بر حضور ماكول مذموم"، وفي شمال إفريقيا "لحم الرقبة"، وأغلب الآراء اتفقت على أنه الشعير. "خبز الشعير مأكول مذموم"!

وفي الناس مأكولٌ مذموم، وأبرز هؤلاء -وقلت هذا أكثر من مرة- هو من يشتغل في الإعلام، وعلى وجه التحديد الصحافة على تفرعاتها من محررين ومراسلين وكتاب، وبقية الكتيبة الصحفية!

هؤلاء هم المأكول المذموم لدى بعض أفراد مجتمعنا. كيف يحدث هذا؟ سأخبركم.

هم أكثر أصحاب المهن والهوايات الذين يتعرضون للانتقاص، والشتم، والتشكيك، وأحيانا التخوين، والطعن في الذمم والأخلاقيات، وضرب المصداقية. سواء أكان مراسلا في قرية صغيرة، محررا، كاتبا، رئيس تحرير ضخما. هو في نظرهم شخص منافق، متلون؛ يسعى إلى مصالحه الشخصية، وكلما علا شأنه ولمع اسمه، زاد عيار الشتائم!

ولو قرأت عليهم الآن هذه "الاتهامات المضحكة" لقالوا لك: هذا هو الواقع!

والمضحك أكثر حينما يتضرر الناس، أو تضيع حقوقهم -تخيّل معي- تستدير رؤوس هؤلاء بحثا عن الصحافة والصحفيين. يضجون في كل مكان باحثين عن الصحافة، فتمتلئ حسابات الصحفيين بالشكوى، وهواتفهم بالرسائل. تتبدل الصورة بسهولة: أصبح هذا الصحفي هو المنقذ الكفء المحترم، وهو الذي بيده طوق النجاة. ليصبح المشتغلون في الصحافة كخبز الشعير.. مأكولٌ مذموم"!

في أغلب، إن لم يكن كل، دول العالم يحظى الصحفيون باحترام لدى أفراد المجتمع، لأنهم صوت الناس، ومحامو الشعب، باستثناء بعض أفراد مجتمعنا؛ فلا تعلم هل هم محل ثقة وتقدير، أم العكس. أم أن الأحكام تخضع للمزاج. إنْ كنا نحبك وضعناك فوق السحاب، وإنْ أبغضناك دفناك ودفنا إنجازاتك معك؟

الخلاصة: من حقي أن أدافع عن زملائي الصحفيين في كل مكان، تجاه حملات التشويه التي يتعرضون لها، وأطمئنهم أن هؤلاء الذين يشتمونهم ويقللون منهم، هم قلة في الأساس، تسيّرهم نزعاتهم وأهواؤهم، فالكثير، والكثير من عقلاء المجتمع يقدر مهنة الصحافة، ويحترم الصحفيين.