أكدت دوائر سياسية لبنانية رفضها خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأخير، الذي وجه خلاله انتقادات غير مسبوقة للمملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أن هذا الخطاب الذي يأتي قبل أيام قليلة من انطلاق مفاوضات لإنهاء الفراغ الرئاسي أو ما يعرف بـ"خلوة الأيام الثلاثة"، بدد طموحات المباحثات التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري للوصول إلى اتفاق حول ما يتعلق برئيس الجمهورية القادم.

وأوضح مراقبون أنه قبل مفاوضات الأيام الثلاثة التي ستضم القوى السياسية اللبنانية، جاءت المؤشرات باحتمال انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، غير أن خطاب نصر الله نسف كل شيء وربما يقضي على حظوظ حليفه عون في الوصول إلى كرسي الرئاسة، لا سيما وأن قوى لبنانية عبرت عن رفضها لما جاء بمضمون خطاب الأمين العام لحزب الله.


 


أطماع حزب الله

قالت مصادر بحزب القوات اللبنانية إن خطاب نصر الله جسد انخراط حزب الله في المشروع الإيراني بالمنطقة، مشيرة إلى أنه أمام مشروع الحزب، يتراجع مشروع الدولة في لبنان الذي بات يدفع أغلى الأثمان بسبب سياسات الحزب الموالية لإيران.

وأكدت مصادر في فريق الرابع عشر من آذار، أنها لن تقاطع المفاوضات المتعلقة بالتوافق على رئيس الجمهورية القادم رغم ما جاء بخطاب نصر الله من تجاوزات، حتى لا يحسب عليها الأمر، لافتة إلى أنها على يقين من عدم جدوى الحوار مع حزب الله، الذي لا يريد الوصول إلى حلول للأزمات التي يتخبط فيها لبنان. وشددت المصادر على أن خطاب الأمين العام لحزب الله "مدروس بعناية"، خاصة أنه جاء في مناسبة غير موجودة ليطل من خلالها نصر الله، ويوجه انتقاداته للسعودية، التي تدعم فريق الرابع عشر من آذار الرافض للاستسلام لمشروع حزب الله الإقليمي التابع لإيران.




فشل المشروع الإيراني

في السياق نفسه، أشار مراقبون إلى أن خطاب نصر الله الأخير عكس حالة فشل المشروع الإيراني في المنطقة منذ بدء عاصفة الحزم في اليمن، كذلك عجر الإيرانيين عن تحقيق مكاسب ميدانية في اليمن والعراق، حتى إن الشيعة العراقيين المؤيدين لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يطالبون إيران بالخروج من العراق بعد أن نهبت ثروات بلدهم.

وقال المراقبون إن إيران لم تعد اللاعب الرئيس في سورية، حيث تنتظر الاتفاق الروسي - الأميركي لترتيب الخريطة هناك، وبطبيعة الحال ستكون إيران خارج ذلك الحل، مشيرين إلى عدم استغرابهم من نبرة نصر الله المرتفعة في خطابه الأخير، كونها متوقعة بعد فشل حزب الله في سورية، وتأكيدات تركيا بأن عودة العلاقات مع روسيا لن تغير من قناعتها بضرورة إسقاط نظام بشار الأسد.




السعودية لن تتخلى عن لبنان

حول الرد السعودي على انتقادات نصر الله للمملكة، قال المحلل السياسي يوسف دياب، إن القيادة السعودية أكبر من النزول إلى مستوى المهاترات مع حزب الله، الذي بات كالغريق المستغيث بعد إدراجه على قائمة العقوبات الخليجية واعتباره منظمة إرهابية. وأضاف أن خطابات نصر الله تعكس عمق الأزمة التي يواجهها حزب الله بعد خسارته المدوية في سورية ووصول عدد قتلاه هناك إلى ألفي قتيل، كذلك فشله في الإجابة عن أسئلة مؤيديه في البقاع والجنوب وبيروت، عن الخسائر التي مني بها بسبب انغماسه في الحرب السورية.

وبالنسبة للسعودية، قال دياب "نحن على يقين بأنها لن تتخلى عن الدولة اللبنانية، ولن تأخذ اللبنانيين بجريرة حزب الله".