اتخذت المملكة خطوات متسارعة منذ أن أعلنت عن رؤيتها الاقتصادية المستقبلية الطامحة إلى التخلي تدريجيا عن حالة الإدمان النفطي الذي أرهق كاهل اقتصادها، وكانت آخر خطواتها هي الانضمام إلى الدول المصادِقة على اتفاقيّة تسهيل التجارة داخل مظلة منظمة التجارة العالمية. السعودية بهذه الخطوة انضمت إلى جانب جارتها الإمارات العربية المتحدة التي كانت قد صادقت على الاتفاقية في وقت سابق، وهما الدولتان العربيتان الوحيدتان الملتزمتان بتنفيذ بنودها، والسؤال هنا ماذا تعني اتفاقية تسهيل التجارة؟ وما الخطوات المنتظرة من الدول الموقِعة عليها؟ وما العوائد الإيجابية التي ستجنيها المملكة منها؟ اتفاقية تسهيل التجارة تُعرف دولياً باسم "حزمة بالي"، هي أول اتفاقية وقعت عليها جميع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في السابع من ديسمبر 2013، كانت إحدى نتائج المؤتمر الوزاري التاسع للمنظمة الذي أقيم في مدينة بالي الإندونيسية. وتهدف الاتفاقية إلى خفض تكاليف التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، ومنها تقليل التعرفة الجمركية على التعاملات التجارية سواء الاستيراد أو التصدير، إضافة إلى دعم الدول النامية ومساعدتها في عقد صفقات تجارية مع الدول المتقدمة في الأسواق العالمية دون عوائق أو تكاليف ماليّة إضافية، علاوة على إحداث إصلاحات تتجاوز البيروقراطية الحكومية التي تعرقل الكثير من الاستثمارات الخارجية. وتنص اتفاقية تسهيل التجارة كذلك على ضرورة عدم التمييز بين الدول الأعضاء في التعاملات التجارية، والعمل بمبدأ المساواة وفق قاعدة تبادل المنافع، دون أن تغفل المساهمة في تطوير قدرات الدول الأقل نمواً لبناء قدراتها التقنية لتحسين مستويات إنتاجها وتصديرها بهدف تحقيق الاستفادة القصوى وتنمية اقتصادها وتنويع مصادره. ويرى معهد بيترسون الاقتصادي أن التدابير المحددة في اتفاقية تسهيل التجارة من شأنها أن تضخ ما يقارب تريليون دولار سنوياً في سوق التجارة الدولي، وتوفير 21 مليون فرصة عمل جديدة لمواطني الدول الأعضاء. وعلى ضوء ما سبق، فإن المملكة بدأت بالتحول جدياً وبطريقة فعالة لتنويع مصادر دخلها، وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المحلي، وتوسيع نطاق جني الأرباح الناتج عن تشجيع مساهمة القطاع الخاص داخلياً وخارجياً في تخفيض كلفة النفقات الحكومية على القطاعات الحيوية والناشئة كالصحة والتعليم والترفيه والسياحة والصناعات التحويلية والخدمات اللوجيستية، والطاقة المتجددة والبديلة.