كُنت أنوي الحديث عن نعمة الحُب وكيف أصبحنا نفتقد هذه النعمة وهذا الإحساس في علاقتنا في الواقع وتواصلنا في المجتمع، ولكن عندما قرأت خبر هروب فتاة في عمر الزهور عرفت حينها أن هروبَ "النواعم" يدُق نَاقوس الخطر في مجتمعنا!

كم هو مؤلم ما نقرؤه من أخبار في صحفنا اليومية، وهذا ما يدعونا إلى الوقوف لحظة من الزمن مع "هروب النواعم إلى خارج البلاد"، النواعم ذوات الفكر والثقافة البسيطة، ذوات الحس المرهف.

كُنا نعرف قديما أن الحُب أحد أقوى أسباب هروب "النواعم" من معاناتها مع أهلها إلى مَلاذ حبيبها، أما اليوم فقد اختلفت الموازين، واتسعت فجوة الهروب، وأصبحت إلى نطاق مخيف مغلف بخيوط وشباك عنكبوتية، لا نعرفُ هل هـو مجتمع إرهابي ضال أم حبيب ظالم كي يأخذها إلى عالم مخيف يسوده مجموعة من الذئاب البشرية التي لا تعرف الدين ولا الرحمة. كل ما نخاف منه أن يتحول الهروب إلى ظاهرة وتتفشى وتصبح سماً اجتماعياً خطراً، رغم أن حالات الهروب ليست بكثيرة، وعلينا أن ندرك أن "النواعم" لهن تعامل خاص واهتمامات مختلفة، لذلك لابد من التعامل معهن بأسلوب خاص، وعلينا ألا نخدش مشاعرهن مما ينتج عنه تولد الحقد ثم الرغبة في الانتقام من الأسرة أو المجتمع ككل!

لعلاج مثل هذه الحوادث في محاولة عدم تفشيها في المجتمع علينا أولاً معرفة أسبابها والبحث عن طرق. قد لا تجد الفتاة في المنزل حسن المعاملة، أو تكون مضطهدة أو لا وجود لها، فتكون كقطعة الأثاث في المنزل لا رأي لها ولا قيمة، وهذا يؤثر سلباً عليها والبعض قد لا يعترفُ بوجودها إلا لطهي الطعام أو تنظيف المنزل، وهذا قد يكون أقرب إلى الحقيقة، حيث نجد كثيرا يفتقدون المشاعر والتعامل الحسن مع المرأة!

لذلك نجد أن بعضهن يفضلن الهروب على الانتحار بسبب الملل والفراغ العاطفي من الأسرة وكذلك القسوة في المعاملة، أو النشأة الخاطئة، وربما الدلال الزائد، يكون أحد دوافع الانحراف الفكري والسلوكي لدى الفتاة الذي قد يؤدي إلى الخنوع والخضوع لحالة التمرد والهروب والخروج عن النظام ثم الهروب!

وقد لا يخفى على الجميع أننا نمر بحالة حرب فكرية للفتاة القاصرة لأسباب كثيرة، منها الفراغ العاطفي أو الديني والفكري الذي يؤدي إلى الدخول في شباك الداعشي الذي يزين لها عشها بأنه ذهبي، ويتعمق في فكرها قبل قلبها حتى تميل إليه، فتهرب إلى عالم الدواعش وما أدراك!

أصبح الوضع في عالمنا العربي في حالة تفاقم.. وذلك يعود إلى عدم التثقيف والتنوير.. لذا وجب القيام بحملة توعية كبيرة شاملة في المدارس والجامعات ووسائل التواصل الاجتماعي، وكيف نحارب أسباب الهروب، وكيف نعالجها، ونقضي على هذا الوباء حتى لا يصبح ظاهرة في مجتمعنا.