سأتحدث هنا أولا عن إيجابيات مشروع السعودة في ثوبه الجديد، ثم أتحدث عن السلبيات والتبعات التي حدثت نتيجة لهذا المشروع وكيفية علاجها..  فالمتتبع للخطوات والإنجازات الملفتة للنظر والمتمثلة في سعودة بعض المهن يرى فيها  إنجازاً عظيماً، خصوصاً إذا لاحظنا الإصرار من وزارة العمل على ألا يكون هذا الإنجاز مجرد دعاية، وذلك بالزيارات المتكررة من المسؤولين على المحلات والأسواق التي تم سعودة المهن فيها، وكذلك قفل الثغرات التي تحول دون تحقيق هدف سعودة تلك المهن، وذلك بتدريب الشباب والشابات السعوديين والسعوديات على تلك المهن والدعم الذي يجدونه حتى تتحقق تلك السعودة على مستوى عالي بل وتستمر..

 ورأينا ذلك في أكبر سوق تحتله العمالة غير السعودية وهو "سوق الجوالات".. الجهود التي بذلت وتبذل في هذا المشروع يجب أن تستمر ولا بد أن يكون نَفَس المسؤولين عنه طويلاً، لأننا من خلال تتبع بعض المشروعات المشابهة كان هناك حماس في البداية، وما لبث ذلك الحماس أن تلاشى وعاد كل شيء كما بدأ..

 ولهذا ولأننا لاحظنا أن ما بذل من جهد وما تحقق في هذا المشروع من إنجاز وما رأينا من استجابة تجعلنا نعول على هذا المشروع في المساعدة على حل مشكلة البطالة وما يترتب عليها من مشكلات نعرفها جميعاً. إذن فمشروع السعودة في سوق الجوالات ناجح بكل المقاييس إذا استمر مؤشر الاستجابة له من قبل الشباب والمتابعة له من قبل المسؤولين بالمستوى الذي رأيناه في البداية.. لكن هل لاحظنا من كان يحتل هذا السوق قبل السعودة؟ وهل لا حظنا كمية المحلات التي أقفلت نتيجة هذا المشروع؟ وهذا يتطلب منا أن نجيب على سؤال كبير هو: أين تذهب هذه الأعداد الكبيرة من المقيمين الذين أصبحوا بلا عمل بعد أن منعوا من العمل في هذه المهن بعد تحويلها إلى مهن للسعوديين فقط؟ وأين نظن أن أولئك سيحصلون على قوتهم؟ وفي النهاية هل تضمَّن مشروع السعودة لهذه المهن التفكير في مصير هؤلاء المقيمين بعد منعهم من العمل؟

نحن هنا نتحدث عن أعداد غير قليلة لا أملك إحصائية عنها لكنها بالتأكيد بالآلاف وربما بعشرات الآلاف وربما أكثر.. وهؤلاء في جميع أنحاء المملكة وتزداد أعدادهم في المدن الكبيرة مثل الرياض وجدة.. هؤلاء يشكلون خطراً كبيراً على البلاد كونهم بلا عمل وبلا مصدر رزق.. ولهذا لا بد أن يواكب حملة السعودة التي تطلبت كنتيجة طبيعية إبعاد غير السعوديين من تلك المهن، كان يجب أن يواكبها حملة لعدم السماح لمن لم يعمل أو يجد بديل من البقاء في البلاد.. هؤلاء يشكلون خطراً كبيراً على أمنها كونهم بلا عمل وبلا مصدر رزق..

 لا بد من معرفة من يكفل هؤلاء ومن يسمح لهم بالبقاء إذا ما انتفت الحاجة لهم.. أن نحل مشكلة بخلق مشكلة اعقد منها هنا نعود في المربع رقم واحد.. أنا أظن حل المشكلة بسيط يحتاج فقط إلى الشروع فيه، وحتى لا نفقد بهجة وفرحة نتيجة مشروع السعودة هذا لا بد أن نشرع في حل تبعاتها التي تشكل سلبية كبيرة، أرجو ألا نتأخر حتى تتفاقم مشكلة هذه السلبية.. ربما أن هناك تفكير في هذه المشكلة لكن لا يجب أن يتأخر.. كما لا يجب أن يكون هناك تعاطف مع الكفلاء الذين ربما أنهم يعوِّلون على عدم جدية المسؤولين عن هذا المشروع بالاستمرار فيه ومتابعته وأنهم - أي الكفلاء- يأملون أن تتراخى المتابعة وتعود الأمور كما كانت ويعود المقيمون إلى احتلال تلك المهن مرة أخرى..

 وخلاصة القول أننا رأينا في مشروع سعودة بعض المهن جدية غير مسبوقة وتحقق أهداف ذلك المشروع وتزامن معه حل الثغرات ومنها التدريب والدعم حتى ظهرت بوادر النجاح.. إلا أننا نحذر من تبعات سلبية نتيجة خروج غير السعوديين من تلك المهن وبقاءهم بلا عمل ولا مصدر رزق والسماح لهم بالبقاء في البلاد وهم على تلك الحالة وما يشكله ذلك على البلاد من أخطار أمنية تحديداً, ولهذا لا بد من البدء فوراً من التعامل مع هؤلاء الذي خرجوا من تلك المهم ومعرفة أين هم وماذا يعملون والتعامل معهم حسب نظام الإقامة وتطبيق النظام بحزم وبلا مجاملات  حتى نجنب البلاد من خطرهم وما قد يفكرون  من بدائل قد لا تكون مشروعة تسبب مشكلات أمنية وربما مداخيل غير مشروعة من أعمال فيها خطر على شبابنا وديننا وأمننا.