كل المؤشرات والدلائل تقودنا إلى حقيقة وحيدة وثابتة مفادها بأنه لا بد من صنعاء ولو طال السفر، هكذا تبدو المرحلة القادمة التي أفرزتها نتائج جولات المفاوضات السابقة بين وفد الانقلابيين والحكومة الشرعية التي بات جيشها الوطني قاب قوسين أو أدنى من العاصمة التاريخية لليمن التي اختطفت منذ قرابة العامين من قبل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح.

التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية أنجز الجزء الأكبر من المهمة التي انطلقت من أجلها عاصفة الحزم، ويكفي أن الحوثيين باتوا اليوم يفاوضون على ورقة التوت الأخيرة التي لن تجدي نفعا فيما إذا قررت قوات التحالف استخدام الخيار العسكري كحل نهائي يبدد أحلام الانقلابيين بالبقاء على رأس السلطة أو حتى الشراكة القادمة لبناء اليمن الجديد.

قلناها ونعيدها ما مضى ليس كما هو آت، وأن المملكة لن تألو جهدا في دعم الجيش الوطني الذي أصبح على مشارف العاصمة صنعاء، ويفصله عنها بعض الكيلومترات فقط، ومع فشل مفاوضات الكويت -بتجميدها زمنيا - فإن المرحلة باتت تحتاج إلى حسم عسكري أخير يعيد لليمن السعيد بسمته التي اختطفها أذناب إيران هناك.

الحكومة اليمنية عادت إلى عدن منذ قرابة الشهر، والرئيس ونائبه وصلا يوم أمس الأول إلى محافظة مأرب لمتابعة تطورات معركة الحسم القادمة التي تبدو نظريا أقرب إلى الواقع، بعد أن تمادى الانقلابيون في غيهم، ونقلوا للمجتمع الدولي صورة واضحة عما تخفيه صدورهم المليئة بالأحقاد لشعب اليمن الذي أصبح اليوم على حافة الانهيار من كافة الجوانب، خصوصا الاقتصادية منها، بسبب تسخير موارد الدولة الأساسية لصالح سلطات الانقلاب واستخدام تلك الأموال في حروبهم الداخلية في مختلف الجبهات.

الشيء الأكيد أن التحالف العربي مرغ أنوف الانقلابيين في التراب، ويكفي القول بأن المعركة أصبحت اليوم على بعد الكيلومترات حوالي العاصمة، ولو عدنا قليلا لنسترجع شريط الأحداث هناك لوجدنا فروقا كبيرة قد تغيرت على الأرض منذ ذلك الاجتياح المشؤوم، بيد أنه يجب حسم باقي الأمور بشكل فوري، لأن الحوار والمفاوضات لا تجدي نفعا مع ميليشيات تفاوض على جهة وتقصف المدنيين والأبرياء في الجهة الأخرى.

إن لجهود المملكة العربية السعودية وحكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- الأثر الأكبر في الحد من خطر تلك الميليشيات على أبناء الشعب اليمني ببعدها الطائفي البغيض الذي عرفه اليمنيون منذ استولت تلك الجماعات على السلطة واحتجزت الرئيس وحكومته وكل رجالات الدولة لإشباع رغباتها، وفرضت أنصار الجماعة بالقوة على كافة أطر ومؤسسات الدولة دون أي وجه حق.

كما أن جهود التحالف أسهمت في تدمير الكثير من الترسانة العسكرية التي كانت في يد تلك العصابات التي تراهن اليوم على صبر المجتمع الدولي وحكمة قادة دول التحالف الذي لن يطول بالتأكيد، خصوصا بعد التحركات الأخيرة للجيش الوطني وتقدمه في مناطق التماس حول العاصمة.

لا شك أن عاصفة الحزم وجهت صفعة كبيرة لميليشيات الحوثي التي تعد الذراع الرئيسية للنظام الإيراني في اليمن، وما تصريحات مسؤولي حزب الله وقيادات في الجيش الإيراني عن معارك صنعاء إلا دليل على ذلك الألم الذي سيزداد مع كل خطوة يخطوها الجيش الوطني باتجاه العاصمة.

لا مجال اليوم أمام تلك القوى الانقلابية سوى الخضوع لقرارات المجتمع الدولي وتطبيق القرار الأممي 2216 القاضي بتسليم السلاح الثقيل والانسحاب من المدن ومؤسسات الدولة والإفراج عن المختطفين، أو الدخول في معركة صنعاء الحتمية التي ستنهي كل المعاناة التي يعيشها أبناء اليمن.