الشعب السعودي مختلف عن غيره، وله سمات فاضلة يندر وجودها في عصرنا الرهن، وذلك عائد للبيئة التي ينشأ في كنفها، والتربية التي يتلقاها من قبل الأهل والأقارب، تتبين هذه السمات بجلاء، حين السفر إلى خارج البلاد، ونلمس الفروقات من خلال الاحتكاك المباشر مع مختلف الجنسيات الوافدة إلينا -وهنا- ننوه لأمر مهم يتم فهمه أحياناً بطريقة غير صحيحة، وهو أننا لا نعمم – بمعنى - أننا لا نقول إن غيرنا أسوأ مننا، وجميع أفراد مجتمعنا صالحون، ليس هكذا، الحديث عن الأفضلية أو السوء ينبثق من الأغلبية، فإذا كانت نسبة الصالحين هي الغالبة، فيمكن اعتبار المجتمع صالحا، بينما لو أن معدل أصحاب الخلق الرديء 60% مثلاً، وقتئذ من غير المقبول وصف مثل هذا المجتمع بحسن الصفات، ورقي الخلق.

أهم ما يميز السعوديون بشكل عام تمسكهم بدينهم، واتباعهم لأوامره وليس مجرد ادعاء للإسلام دون ممارسة حقيقية لشعائره، فنجد أن ثمة اهتماما منذ الصغر بشأن الصلاة، التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، بينما في مجتمعات أخرى قلما تجد من يصلي إلا ثلة ممن بلغوا من العمر عتيا، وكثير من الوافدين يتأثرون إيجابا بمجتمعنا، فتجدهم بعد فترة يحافظون على أداء الصلاة، وفي بلادنا يتم التركيز على المواد الدينية وإعطاء الدارسين جرعة مكثفة من الدروس التي تفقه الدارس في دينه، بيد أن معظم البلدان الأخرى المسلمة تكتفي بمنهج واحد لا يسمن ولا يغني من جوع؛ إذ لو سألت الطلاب هناك عن أساسيات الدين لن يحيروا جوابا.

ثقافة الناس الدينية هذبت الأخلاق، في ظل موروث أصيل من العادات والتقاليد، فالكرم والنخوة، والمروءة، والغيرة على المحارم، والأمانة والصدق، ومراقبة الله، ورعاية الوالدين..، كلها شمائل حسنة يتمتع بها عدد كبير من أبناء المجتمع السعودي، لا تجد الكلام البذيء أو الفاحش على الألسنة، ثمة رقي واحترام متبادل بين أفراد الشعب، والمحتاج ومن تقطعت به السبل لا يبقى وحيدا دون معين. ولمن يدندنون على الدوام حول أخلاقيات الغرب وثقافته، نقول: إنه حينما تحل بهم حادثة كانقطاع كهرباء أو إعصار أو نحوه، ينكشف المستور الذي يواريه القانون والنظام الصارم، بحيث تكثر السرقات، وتنهب المحلات والمتاجر، وتبرز الجرائم، وهذا أمر طبيعي في مجتمع لا يحكمه مرجع ديني، ولا عادات قيمة تظهر لحظة الامتحان.

إن مجتمعنا لا يزال بخير رغم ما يواجه من تيارات تود التغلغل في داخله لإحداث بعض التغييرات، لكن علينا الحذر ممن يطلون علينا عبر وسائل الإعلام، فيشوهون صورة المجتمع لغرض تمرير أجندتهم الخاصة، تارة يوحون لنا بأننا شعب لا يهتم إلا بشعائر الدين فقط كالصلاة والصيام، وتارة أخرى يربطون التقدم بالتخلي عن ثوابت الدين وعن عادات المجتمع الحسنة، هؤلاء فريق من المراوغين الأشرار علينا جميعا معرفتهم، ثم الحذر منهم ومن نهجهم وتوجههم.