يبدو أن تزايد شك تركيا في أنه لن يُرحَّب بها أبدا في الاتحاد الأوروبي ربما يدفعها إلى تشكيل بعض التحالفات الجديدة المثيرة للقلق.

وتنامت تلك الشكوك في أنقرة منذ تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، بأن عدم الترحيب بتركيا في النادي الأوروبي بات حقيقة مقبولة، الأمر الذي دفع الرئيس رجب طيب إردوغان إلى صرف النظر عن طموحاته السابقة التي روَّج لها عدة سنوات، بأن يكون الزعيم التركي الذي سيُدخل بلاده إلى الاتحاد الأوروبي.

أطلق إردوغان فجأة ثورة دبلوماسية درامية خلال الشهر الذي سبق الانقلاب، فسارعت حكومته إلى إصلاح علاقاتها المتوترة مع روسيا ومصر وإسرائيل، ثم في عشية الانقلاب، تحدث رئيس الوزراء التركي الجديد عن إحياء العلاقات مع سورية.

وعلى الرغم من الموقع الإستراتيجي الحيوي لتركيا، واعتماد الولايات المتحدة وحلفائها عليها، بوصفها معقلا لمصالحها، فإن العلاقات الأميركية التركية تمُر بمنخفض، إذ فوجئت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" بقرار تركيا بشمول الطائرات الأميركية والطائرات من دون طيار التي تعمل من قاعدة "أنجرليك" الجوية التركية ضد تنظيم داعش في سورية، بقرار "حظر الطيران" الذي فرض على الأجواء التركية خلال المحاولة الانقلابية.

والأسوأ من ذلك، تم قطع التيار الكهربائي عن القاعدة، واعتُقل لاحقا القائد التركي للقاعدة، الأمر الذي أثار موجة إشاعات بشأن كونه "نقطة اتصال" بين الانقلابيين والبنتاجون.

إن إعلان إردوغان الفوري بأن الانقلاب قد أُحيك من فتح الله غولن، الذي يعيش في أميركا، أضاف مزيدا من التوتر مع واشنطن، إذ قال إردوغان، في حشد جماهيري لأنصاره: على الولايات المتحدة أن تسلم هذا الشخص.

ومن جانبه، أعلن وزير الخارجية الأميركية جون كيري، أن بلاده ستساعد أنقرة في التحقيق في التحركات الأخيرة التي قادها الجيش التركي لإسقاط الحكومة، داعيا السلطات التركية إلى تقديم أدلة ضد المُعارض فتح الله غولن، لتسليمه بالطريقة العادية.

لكن وزارة الخارجية طلبت أيضا من السلطات التركية نفي الاتهامات بأن أميركا كانت بطريقة شاركت في مؤامرة الانقلاب، وقد قابلت تركيا هذا الطلب بالصمت حتى الآن.

إن الانقلاب الفاشل لم يزد حس عدم الاستقرار داخل تركيا فحسب، بل عزز العوامل التي تجعل من تركيا إردوغان مصدرا مطردا وعنصرا مساعدا في القلق وعدم اليقين في عموم المنطقة الحساسة المحيطة بتركيا.

وإذا تقارب إردوغان مع الكرملين، فإن ذلك ربما يؤدي إلى منع الدعم عن جميع الثوار السوريين، وليس فقط عن تنظيم داعش المكروه لدى الغرب.

الأزمة التركية ليست قضية داخلية فحسب، بل إن الموجات الارتدادية للاقتتال الداخلي فيها ستجتاح أوروبا والشرق الأوسط. ولن يتمكن إردوغان من السيطرة عليها حالما تتدفق من تركيا. لكن يبدو أن الغرب غير راغب في القيام بدوره.