بعد التفجير الإرهابي الذي وقع في مدينة "غازي عنتاب" التركية المتاخمة للحدود السورية، وراح ضحيته 51 شخصا وما يقارب 94  جريحا، توجهت الأنظار إلى مسؤولية تنظيم داعش، لتصدر بعدها تصريحات رسمية تحمل التنظيم مسؤولية التفجير. حيث أكد وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، أن الحدود مع سورية "يجب أن تطهر بالكامل" من تنظيم داعش الإرهابي. وأضاف "من واجبنا الطبيعي محاربة هذا التنظيم الإرهابي على أراضينا كما في الخارج" مشيرا إلى أن تركيا كانت دوما الهدف الأول لداعش. ووعد بدعم كل عملية ضد التنظيم في سورية، وذلك ردا على سؤال وجهه أحد الصحفيين عما إذا كانت تركيا تدعم هجوم المعارضة المعتدلة لتحرير جرابلس التي يسيطر عليها التنظيم، مضيفا "سنحارب داعش حتى النهاية، وندعم أيضا المعركة التي تخوضها الدول الأخرى ضده، وتركيا لا يمكن أن تسمح بهذا التنظيم على أراضيها".


الدعوة لبداية جديدة

طبقا للمراقبين السياسيين فإن تفجير غازي عنتاب يأتي في سياق تفجيرات عانت منها تركيا في الأشهر الماضية، مؤكدين على أن التفجيرات سعت لعدة أهداف أبرزها "توجيه ضربة قوية للحكومة التركية الجديدة ووضعها أمام منعطف خطير".

ويأتي توقيت التفجير الإرهابي متزامنا مع إعلان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم، أن بلاده ترغب في أن تكون "فاعلة أكثر" والقيام بدور أكبر في حل الأزمة السورية. إضافة إلى بدء القوات التركية التمهيد معركة جرابلس المرتقبة بقصف مدفعي.

كما دعا الدول الكبرى ودول المنطقة إلى العمل معا من أجل فتح "صفحة جديدة" بشأن الأزمة في سورية دون إضاعة الوقت. وقال "موقف تركيا واضح جدا وهو عدم السماح بتقسيم سورية، والحفاظ على وحدة أراضيها وعدم السماح بتشكيل أي كيان يمكن أن يعود بالضرر على أية جماعة. وتشكيل حكومة شاملة تشارك فيها جميع المجموعات لإزالة كل العداوات القائمة".


استباق الأحداث

تظهر هذه التحركات المتسارعة عزم أنقرة على استغلال الوقت والفرصة لتمكين فصائل المعارضة السورية من بسط وجودها على المناطق الشمالية لحلب المحاذية لتركيا. كما يأتي هذا التحرك استباقا لخطوة مماثلة من جانب ميليشيات "سورية الديمقراطية" التي تخطط لذلك بعد سيطرتها على منبج وتضع نصب أعينها الباب وجرابلس. ويشير الخبراء العسكريون إلى أن هذه التحركات تشير إلى أنه لن يكون للأكراد نصيب في مدينة جرابلس على ما يبدو فتركيا تريدها للجيش السوري الحر لاعتبارات سياسية وأمنية.

وبحسب المعلومات المتوفرة فإن تركيا أرادت استباق الأحداث فعوضا عن توسع فصائل  الجيش الحر من بلدة الراعي إلى مدينة جرابلس شرقا، تسعى أنقرة إلى بدء المعركة انطلاقا من أراضيها باتجاه الداخل.

وترى تركيا في الجيش الحر ضامنا للحدود الممتدة من إعزاز إلى جرابلس، خشية دولة كردية أو إقليم فيدرالي مزمع ينوي أكراد الإدارة الذاتية إنشاؤه، في حين سيطر الأكراد على باقي الشريط الحدودي الممتد إلى أكثر من 800 كيلومتر.