وصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأنه يجيد اقتناص الفرص الجيوسياسية وترجيح كفته حين يشعر أن الغرب عاجز، مستشهدة في ذلك باستباق لقائه بالرئيس التركي رجب إردوغان بتصعيد التوتر مع أوكرانيا، متهما الأخيرة بإرسال قوات إلى القرم لزعزعة استقراره، ثم انسحب من مفاوضات السلام، معتبرا أنها لا فائدة ترتجى منها، مما جعل كييف تخشى نوايا روسية هجومية تستهدف شرق البلاد، تشبه الهجوم على جورجيا قبل 8 سنوات، والذي تم في ظروف مماثلة، حيث كان الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في نهاية ولايته، وكانت هناك عملية انتقال في الولايات المتحدة هيأت لبوتين فرصا في أوكرانيا وغيرها.

وحسب الصحيفة، فإن ذلك يحدث في المشرق العربي، فالرئيس التركي عاد صديقا لبوتين بعد إسقاط الطائرة الروسية في نوفمبر الماضي، وانتهت قمة سانت بطرسبورج في التاسع من الشهر الجاري إلى تقارب تركي روسي في شتى المجالات، بما في ذلك الملف السوري، دون أن يعني ذلك استدارة كاملة لتركيا في موضوع مصير الأسد. وقالت الصحيفة إن ايران التي تخسر الكثير في معركة فرض نفوذها في سورية، استغلت التقارب الروسي التركي، بإرسال وزير خارجيتها جواد ظريف إلى أنقرة في 11 أغسطس الجاري، ليطرح على الأتراك فكرة عقد لقاء ثلاثي تركي روسي إيراني يبحث في الوضع السوري بما يحقق مصالح دول المنطقة، مشيرة إلى أن الهدف الإيراني من هذا الطرح يتركز في إبعاد تركيا عن التزاماتها وتحالفاتها العربية والدولية، خصوصا في القضية السورية.



طهران تستعجل الدعم

أوضحت الصحيفة أن عدم إجابة أنقرة على الطرح الإيراني المستعجل، جعل طهران تعمل على توزيع أخبار عن زيارة يقوم بها إردوغان لطهران الأسبوع المقبل، وهي معلومات لم تؤكدها أنقرة، فيما كان ظريف نفسه يعلن عن جولة في أميركا اللاتينية. وقالت الصحيفة إن الاستعجال الإيراني لتكريس محور مع روسيا وتركيا ليس جديدا، لكن "الغرق الإيراني في سورية" يتزايد والحسم الذي وعدت به طهران في حلب ولم يتحقق جعلا نظام الملالي يستعجل أي خطوة تدعمه في ورطته.



الأرض المحروقة

أضافت وول ستريت جورنال أن الفشل في سورية وحجم الخسائر الكبير دفعا الملالي إلى البحث عن دعم إضافي، ومن هذا الباب دخل بوتين مرة أخرى ليكسب رأس جسر في همدان ضمن حسابات جيوسياسية أبعد من حاجات إيران والمعركة في سورية. وقالت الصحيفة إنه بعد القرم واستعادة العلاقة مع تركيا فإن بوتين يكرس الساحل السوري في حميميم وطرطوس واللاذقية قاعدة يمكن أن تستقبل أسلحة نووية، ويضم همدان كموقع لقاذفاته، مشيرة في هذا السياق إلى أن بوتين بذلك يستعد لملاقاة نظيره الأميركي المقبل، فيما تنتظر الأرض المحروقة في سورية حلا، عنوانه الضمني رحيل الأسد.