كان الهجوم على حشد من الناس في أحد مخابز دكا الأكثر دموية، والفعل الأكثر عنفا للإرهاب الذي شهدته بنجلاديش حتى الآن.

وأعقب تلك المذبحة هجوم بتفجير قنبلة على أكبر تجمع لصلاة عيد الفطر في منطقة "كيشورجانج"، علما بأن الهجمات على التجمعات الدينية خلال العيد تعدّ عملا منكرا في أي دولة لديها تقاليد ومعتقدات إسلامية ليبرالية.

وفي السنة الماضية، كانت هناك عمليات قتل منهجية لأعضاء الأقليات والمدونين والمفكرين الإسلاميين الليبراليين في بنجلاديش.

لقد أعلن تنظيم "داعش" في العراق والشام مسؤوليته عن المجازر في مقهى بدكا. وذكرت تقارير وسائل الإعلام أن المهاجمين طالبوا بإطلاق خالد سيف الله "زعيم جماعة المجاهدين في بنجلاديش" من السجن، والخروج الآمن للرهائن المحتجزين، وإقامة الشريعة في بنجلاديش.

وكان وراء تلك الهجمات الإرهابية هدفان، هما: تشويه سمعة حكومة الشيخة حسينة واجد، وإيقاف الاستثمارات الأجنبية في بنجلاديش.

وإذا أرادت الشركات الأخرى أن تحذو حذو شركة الملابس اليابانية "UNIQLO" التي علقت سفر موظفيها إلى بنجلاديش، فسيُدمر اقتصاد البلاد، والذي تهدف إليه إحدى خطط الإرهابيين طويلة الأجل.

وعلى الرغم من أن تنظيم داعش يشتبه في ارتباطه بتلك الهجمات، إلا أنه لم يثبت مدى مشاركته بقوة حتى الآن، علما بأن التنظيم بدأ يخسر الأرض بشكل سريع في سورية والعراق. فلقد استردت القوات العراقية مدينة الفلوجة وأصبح استرداد مدينة الموصل هدفها المقبل.

قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون برينان، بما أن الضغط يتصاعد على تنظيم داعش، فإنه سيتم تكثيف حملاته الإرهابية العالمية للحفاظ على هيمنته على جدول الأعمال العالمي للإرهاب.

وفي الآونة الأخيرة، أدلى المتحدث باسم داعش، محمد العدناني، بتصريح قال فيه "إذا فقد التنظيم معاقله في سورية، فإن أفراده سيعودون إلى "حرب العصابات"، وبفقدان الأراضي، ستفقد الخلافة بريقها وشرعيتها. وسيكون من الصعب عليها تجنيد متطوعين من مختلف أنحاء العالم".

تُشكل الحملات الإرهابية العالمية التي يشنها "داعش" تهديدا أمنيا خطرا لكثير من دول العالم، فمن باريس إلى بروكسل إلى إسطنبول، لا توجد مدينة تبدو آمنة. وبالنسبة لـ"داعش"، فإن الحرب ضد الغرب هي حرب عقاب.

وفي إفريقيا، لدى "داعش" عناصر مساندة مثل "حركة الشباب" و"جماعة بوكو حرام"، تدعمهما "داعش" عقائديا وربما ماليا.

وهناك أيضا بعض المناطق التي يمكن أن تتحرك إليها قيادة هذا التنظيم، إذا فقدت مواقعها العسكرية في العراق أو سورية، خاصة في ليبيا التي تجذبهم الأوضاع هناك إليها. كما يبدو لو كان التنظيم يوسِّع انتشاره في بنجلاديش.

لقد حض رئيس تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، عاصم عمر، المسلمين الهنود إلى قتل ضباط الخدمة الإدارية الهندية وخدمات الشرطة الهندية الذين "يحرضون غوغاء الهندوس ضد المسلمين خلال أعمال شغب طائفية". وبالتالي تخشى الهند أن تصبح بنجلاديش قاعدة من نوع ما لهجمات "داعش" عليها، وهذا قد يتحول ليكون حقيقية على المدى الطويل. ولكن يبدو في الوقت الراهن أن هدف المسلحين هو تقويض حكومة بنجلاديش وتعطيل سياستها الليبرالية.