مع اشتداد حرارة الصيف وندرة الفعاليات الثقافية في منطقة تبوك، وسفر الكثير من المثقفين والمبدعين إلى الأردن ـ خلال هذه الأيام ـ التي لا تفصلهم عن عاصمتها عمان سوى (400 كلم)، يكرر عدد من المثقفين والمبدعين اتهامهم للمؤسسات الثقافية في البلدين بعدم التواصل وعدم وجود أي شراكات في المجال الثقافي والإبداعي.
غياب مؤسسي
يقول الروائي عبدالرحمن العكيمي إن "منطقة تبوك على تماس مباشر مع الأردن، وهناك شراكات اجتماعية طبيعية بسبب اتصال الحدود، ومع أن المثقف في تبوك على اتصال بالعاصمة عمان وهي عاصمة ثقافية حضارية، إلا أنه في الحقيقة وعلى مستوى المؤسسات بين البلدين لا توجد شراكات ثقافية أو عمل أو فعاليات إلا القليل الذي لا يذكر، والمثقف الحقيقي يجب أن لا ينتظر من المؤسسات أو الجغرافيا أن تؤثر فيه أو تمنحه الإضافة، بل عليه أن يعمل على نفسه وعلى منجزه الكتابي والإبداعي، ويعمل جادا بتقوية أدواته قبل كل شيء".
وعن دور الأندية الأدبية في دعم التبادل الثقافي، قال العكيمي: "كثر الجدل حول الأندية الأدبية، وكانت هناك أصوات سابقة طالبت في فترة ماضية بتحويل الأندية الأدبية إلى مراكز ثقافية، وكان أصحاب هذا الرأي من مثقفين ومسؤولين، مبررين أن الأندية الأدبية تهتم بالأدب فقط وليس بالثقافة والفنون، وبقيت الأندية على حالها وبقيت جمعيات الثقافة والفنون تؤدي دورها على استحياء"، وتابع "لعل الرؤية السعودية الجديدة قادرة على تحقيق تطلعات المثقف، فقرأنا عن الهيئة العامة للثقافة، والمركز الملكي للفنون، وعن الفنون ودعم الفنانين والأدباء، فالرؤية تركز على هذه المحاور، ومن الضروري أن نتفاءل بالمرحلة المقبلة".
نظرة دونية
يذهب الروائي علوان السهيمي إلى نقطة أكثر جدلية في إطار علاقة المثقف السعودي بنظرائه في بعض الدول العربية، حيث يقول "فعلا لا توجد شراكات ثقافية بين السعودية والأردن، وأتصور بأن السبب بأن كلينا ينتمي لثقافة مختلفة، وربما البعد السياسي له دور كبير، إضافة إلى النظرة الدونية التي يمتلكها بعض الشوام للثقافة السعودية، وبأننا لا نملك ثقافة".
مواهب غير جاذبة
يؤكد الأكاديمي الدكتور موسى العبيدان أن الشراكة الثقافية بين تبوك وعمان من ناحية الثقافة المعرفية الأدبية بالكاد تكون معدومة. وأضاف "لم يكن هناك تبادل بين المجتمع السعودي في منطقة تبوك والمجتمع الأردني القريب أو البعيد عن منطقة تبوك إلا على نطاق الجامعات، فبعض أعضاء هيئة التدريس بجامعة تبوك يكون لهم حضور في بعض المؤتمرات في الجامعات الأردنية، ونعتبر هذا الجانب يمثل منطقة تبوك من الناحية الأدبية".
وعن أسباب ضعف التواصل الثقافي قال العبيدان: "الأسباب قد تكون كثيرة، ولعل من بينها أن النشاط الثقافي والأدبي في تبوك بدأ متأخرا جدا من حيث النادي الأدبي في المنطقة، ولابد من الاعتراف بأن الجانب الثقافي والأدبي في تبوك بصفة عامة، ليس في عراقة مناطق أخرى مثل الوسطى أو الغربية أو الشرقية هذه من ناحية، ومن ناحية أخرى لم تبرز أسماء لامعة في المنطقة تستهوي المؤسسات الأدبية أو الثقافية في الأردن لكي تدعوها، إضافة إلى أن الإعلام لم ينتبه لهذه النقطة ولم يحركها أو يدعو لها بالمنطقة".
الجغرافيا غير مؤثرة
يعتقد الشاعر محمد فرج العطوي بأن تقنيات العصر الحالي ألغت أثر التقارب الجغرافي، الذي كان المؤثر الأكبر في السابق، وأضاف "الاتصال المعرفي أصبح يعتمد على التقنية في البلد الواحد وربما في المدينة الواحدة". وأوضح العطوي أن الأندية الأدبية من الناحية النظرية وجدت لإثراء هذا الجانب، لكنه استدرك "الواقع يختلف تماما، تجربة الانتخابات أتت في بعض الأندية بأعضاء ليس لهم علاقة بالثقافة والأدب بالمعنى الدقيق والعادل. بل جاؤوا بفعل الأصوات التي منحت لهم من أناس جاءت بهم الفزعة والحمية، مما جعل مجالس هذه الأندية في عزلة تامة عن المشهد الثقافي، وعزف المثقفون عنها لما رأوا سطحية تعاملها وهشاشة منتجها وفقر برامجها، لذا لابد من تصحيح وضع الأندية، وأرى أن دمجها مع جمعيات الثقافة والفنون أمر مناسب خاصة في ظل تداخل وتقارب الإبداعات المختلفة".