في ورقة بحثية لأستاذة العلوم السياسية في جامعة ييل الأميركية والمتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، مارا ريفكن، أوردت فيها تحليلا للنظام القانوني الذي يقوم عليه تنظيم داعش.

وأوضحت أن المؤسسات القانونية تقوم بدور حاسم في ترسيخ دعائم مشروع الخلافة، وأن تلك المؤسسات تساعد الجماعة على الاستيلاء على الأراضي، وتوفر وسيلة للمساءلة لمن يعيشون في كنف التنظيم.

وتأتي هذه الورقة البحثية لتركز على جانب أغفلته وسائل الإعلام التي ما انفكت تركز على قسوة التنظيم وبشاعة الأساليب التي يستخدمها للحفاظ على حُكمه. وتؤكِّد الورقة البحثية أن هذه المؤسسات هي التي تمنح الشرعية للتنظيم، على الأقل بين مناصريه.

تقول ريفكن في بحثها: "لقد سعى تنظيم داعش إلى التقرب من المدنيين بادعائه أن نظامه القانوني أكثر شرعية وفاعلية من النظم المتاحة". وهي تشير في ذلك إلى النظامين القانونيين للحكومتين العراقية والسورية أو الجماعات المسلحة المنافسة التي تتميز، حسب ادعاءات تنظيم داعش، باستشراء الفساد وانعدام الفعالية. 

وترى ريفكن أن السلطات الدينية الرسمية لدى "داعش"، ممثلة في القادة العسكريين أو الشرطة أو الخليفة نفسه، يمكنها إصدار قوانين كما تشاء، وعليه أصدر التنظيم تشريعات تخص "حكم المدنيين وانضباط المسؤولين والمقاتلين وضمان السيطرة على الأراضي، وما يحدد الحقوق والواجبات والسلوكيات العامة والتجارة والحرب".

ترى ريفكن أن المؤسسات القانونية تساعد التنظيم على تحقيق ثلاث غايات تضمن له الحفاظ على قوام الدولة، وتلك الأهداف هي:

1 - أضفت تلك المؤسسات شرعية على مزاعم التنظيم بالسيادة، ومصادرة أملاك "العدو"، ومد جسور الثقة مع السكان المحليين.

2 - تضمن تلك المؤسسات إمكان إخضاع المقاتلين ومحاسبتهم وضمان تماسك التنظيم. وقد ذكرت ريفكن عدة طرق ينزل بها التنظيم العقوبات على أفراده "لأنه لا يمكن لدولة ادعاء الشرعية والسيادة دون مراقبة سلوك الأفراد المنوط بهم تطبيق سياسات الدولة".

3 - تصف ريفكن نظام الضرائب في "الدولة الإسلامية" بأنه "محوري لتمويل الحكومة والعمليات العسكرية". ويعمل القضاة في المحاكم على إدارة وإضفاء الشرعية على فرض الضرائب، وتبرير ما أسمته ريفكن "أنشطة اقتصادية تشبه السرقة".

تقول ريفكن إنه على الرغم من مزاعم التنظيم بقوة نظامه القانوني، إلا أنه لا يخلو من الشوائب. تتواتر تقارير عن انتشار الفساد والعنف القانوني "مما يهدد بقاء التنظيم على المدى الطويل ويقوض مساعيه لكسب ثقة المدنيين".

وترى ريفكن أن التنظيم بات يعاني للحفاظ على أساسه الأخلاقي. ويتعيَّن على الدول المشاركة في التحالف الدولي العمل على إضعاف تلك المؤسسات أكثر، لأن هذا سيضعف التنظيم أكثر، الذي فقد كثيرا من قوته إثر الحملة الدولية الشرسة الهادفة للقضاء عليه. لكن ريفكن تعتقد أن ثمة معضلة هنا، وهي أن تنظيم داعش اعتمد على ذم المؤسسات القائمة في العراق وسورية، ورميها بالضعف وفقدان الشرعية، ولهذا يجب أن تشمل خطط القضاء الكامل على التنظيم إصلاح النظام السياسي والقضائي في الدولتين.