سيذكر التاريخ أن عهد الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، هو الأضعف بين أقرانه منذ تأسيس الولايات المتحدة الأميركية وحتى اليوم على الصعيد الخارجي، الذي أصبحت فيه الدولة الأولى في العالم، مجرد رقم على هامش القوى العظمى التي برزت إلى الساحة –مجددا- بفعل السياسات غير الموفقة التي انتهجها الرجل منذ مجيئه على رأس السلطة في الأول من يناير 2009.

فخامة الرئيس.. على الرغم من نجاح إدارتك على المستوى المحلي، خصوصا في الجوانب الاقتصادية، وخفض البطالة، إلا أن واشنطن التي فرضت هيمنتها على العالم منذ فترات زمنية طويلة، أصبحت اليوم محل المتفرج على ما يدور في الساحة، وسلمت زمام المبادرة –ظاهريا– إلى الدب الروسي الذي يعمل بهدوء وتتصاعد أسهمه بقوة، لا سيما مع دوره الواضح في الملف الأمني بالشرق الأوسط والذي لم يعد بخاف على أحد.

فخامة الرئيس.. كنت وما زلت الأسوأ فيما يخص العلاقات الخارجية بين الولايات المتحدة والدول الخليجية، إذ وصلت تلك العلاقات إلى منحنى خطير قوض كل الجهود التي بذلت سابقا في سبيل مكافحة الإرهاب، وكانت المملكة وأميركا وفرنسا وألمانيا من أواخر الدول المتضررة منه.

فخامة الرئيس.. الرياض اليوم تقف على رأس تحالف دولي كبير يضم أكثر من 35 دولة لمكافحة الإرهاب والتطرف الذي امتدت جذوره وتوسعت في عهد ولايتكم، مع الإشارة إلى أن القضاء على زعيم التنظيم أسامة بن لادن لم يكن ليوقف خطر تلك الجماعات التي طورت من أساليبها وطرقها، رغم كل "الشو" والدعاية الأميركية حيال القضاء عليها، وأفرز لنا ذلك التطور تنظيمات جديدة، بأساليب إرهابية أكثر تطورا.

فخامة الرئيس.. كنت وما زلت أحد مصادر القلق لمعظم البلدان، والسعودية إحدى تلك الدول، بسبب السياسات غير الموفقة التي انتهجتها في تعاملاتك، والتذبذب في المواقف وردود الفعل الضعيفة، وغير المتوافقة حيال الكثير من الملفات، حتى تحولت مخاوف الكثيرين من مواقف الولايات المتحدة إلى حقائق على أرض الواقع، دعمتها النتائج السلبية للتدخلات الأميركية في العديد من البلدان، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط.

المخاوف الإستراتيجية والأمنية على الصعيد الإقليمي أصبحت أحد أبرز واجهات الفشل الذريع للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، لا سيما ملف التسليح النووي الإيراني، الذي ومنذ توقيعه شهدت المنطقة هزة عنيفة، بسبب التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للكثير من دول المنطقة، على رأسها اليمن والعراق وسورية ولبنان.

في الماضي القريب والبعيد كانت الولايات المتحدة رمانة التوازن في المنطقة، بمواقفها الواضحة والشفافة، البعيدة عن الضبابية، بيد أن ما يجري حاليا في المنطقة العربية سببه الرئيس سياستكم الضعيفة التي خولت -على سبيل المثال- سفاحا مثل بشار الأسد حصد رقاب الملايين من السوريين، في سنوات خمس مضت، من أجل البقاء على كرسي الرئاسة، بقوة السلاح وبغطاء روسي واضح، وقفتم حياله دون أي ردة فعل لإنقاذ الملايين هناك من سطوة السفاح.

فخامة الرئيس.. لا يخفاكم اليوم أن علاقات الولايات المتحدة الأميركية بدول الخليج لم تعد كما كانت في السابق كيف ولماذا ولم؟ الإجابة بلا شك موجودة لدى شخصكم الذي كان الفاعل الرئيسي في المنطقة خلال الفترة الماضية، وهو ما لن ينساه التاريخ رغم محاولاتكم المتأخرة للعودة بتلك العلاقات إلى سابق عهدها. فخامة الرئيس.. سبق أن نقلت مجلة "بوليتيكو" بالتزامن مع زيارتكم الأخيرة للمملكة، أن الإدارات الرئاسية الأميركية سواء الجمهورية أو الديمقراطية منها تنظر إلى المملكة باعتبارها مصدرا للاستقرار في شرق أوسط تسوده الفوضى وغالبا ما يقول المسؤولون الأميركيون، إن السعوديين أكثر مساعدة في الحرب ضد الإرهاب مما يدركه الرأي العام الأميركي، بيد أن كل ذلك لم يغير شيئا على أرض الواقع، لأن الفاعل الرئيس أصبح ضعيفا، ومرهون لقوى خارجية مشتركة على رأسها فرنسا وروسيا وبريطانيا. فخامة الرئيس.. وأنت تودع اليوم عتبات البيت الأبيض، لا بد أن تدرك أن ما صنعته سياستك لن يغير من المواقف الثابتة والراسخة للمملكة في مواجهة ملفات الإرهاب الداخلية منها أو الخارجية، بل سيزيدها قوة وثباتا، على الرغم من الحملة الممنهجة التي تقودها وسائل إعلام في بلدكم لتصوير المملكة في أسوأ صورة ممكنة ستتلاشى مع رحيلك المنتظر.

أخيرا.. فخامة الرئيس، أتفق معكم في أن السيدة هيلاري كلينتون هي الأكفأ في الوقت الراهن بين المرشحين لخلافتكم، بيد أنها ستحمل تركة ثقيلة سببتها سياساتكم الخارجية الخاطئة في المنطقة.