أعتقد أن كرسي عضوية مجلس الشورى يحمل نوعاً خادعاً من السحر بحيث يجعل الجالس عليه يظن أن عدد الأيام المتبقية لجلوسه على الكرسي هي ذاتها الأيام المتبقية في حياته، مما يدفع العضو إلى التصريح بكل ما يحمله من مشاعر سلبية -لم أجد لها مسمى أنيقاً- تجاه المواطنين، ضارباً بوعيهم ومشاعرهم تجاه تصريحاته عرض الحائط، ومتجاهلاً أنه قد يكون عرضة للمحاسبة والمساءلة أمام "عاطفة" الشارع والرأي العام.

الغريب في غالبية أعضاء مجلس الشورى هو تسابقهم إلى البحث عن المنابر الإعلامية مغمورها ومحترفها، وطرح التصريحات المستفزة للمواطنين دون دافعٍ أو مطالبة بتلك التصريحات، والأكثر غرابة هو دفاعهم المستميت تجاه أطروحاتهم رغم علمهم بأنها قد تكون سبباً في إثارة هياج شعبي تجاه الجهات غير المسؤولة عن هذه التصريحات، وفي المقابل لا يجد هذا العضو وأمثاله رادعاً يوقفه عن استفزاز المواطنين وإثارتهم.

ربما أصبح من الجدير بمجلس الشورى في جلساته القادمة أن يقوم بدراسة ردود الأفعال تجاه تصريح عضوه المحترم ووضع حدود تمنعه وزملاؤه من إطلاق تصريحات جارحة مستقبلاً، فالمواطنون لم يكادوا يستفيقون من تصريحات رجال الأعمال وعضوي البنزين والإسكان حتى أصابتهم طلقات هذا العضو، ولأنني أعتقد أن التصريحات القادمة لن تمر بسلام فإنه من الأسلم إيقافها، فالبراءة من تصريحات الأعضاء فقط لا تقي المجلس ردة فعل المواطنين.

كنت وما زلت مؤمناً بأن أعضاء خارجين من رحم الدلال والحياة المرفهة لن يكون صوتهم موحداً مع صوت المواطن، بل قد يكون مضاداً لاحتياجاته في كثير من الأحيان، وبعدما استمعت إلى تعليق هذا العضو على تصريحاته المستفزة وتشدقه بالعقلانية مقابل عاطفة المواطنين ازداد لدي هذا الإيمان. فإن كان لا بد من استفزاز المواطن فليس أقل من أن تُحترم عاطفة البطيخ، ويُكفى شر الدخول في مهاتراتنا!