يقال إن للبعض حظا في اسمه أو نصيبا، وهكذا بدا وزير الخارجية الإيراني "الظريف" محمد جواد ظريف يوم أول من أمس في حديثه لوكالة فارس حول النزعة المتشددة -كما أسماها- لقادة الحسم والعزم في المملكة العربية السعودية.

الوزير "الظريف" الذي أصبح محل عرضة للسخرية بسبب ظرافته الدائمة والمتكررة، وصف تلك التصريحات بأنها لا تمثل مؤشرا على القوة، إنما ناجمة عن الضعف وعدم الثقة بالنفس، وهو الذي دأب ومعه أزلام النظام الفارسي في مختلف الأجهزة الأمنية، على اللجوء إلى الحرب الإعلامية في أكثر من مناسبة، للهروب من واقع الهزيمة ميدانيا في مختلف المواجهات.

إن مما لا شك فيه أن إيران اليوم أصبحت إحدى القوى "المتطرفة" ذات التأثير المباشر في كثير من الدول العربية، وسببت تدخلاتها في الشؤون الداخلية لتلك البلدان هزات عنيفة في المجال الأمني، الذي رافقه انتشار كبير للجماعات والتنظيمات المتطرفة.

ومن المفارقات العجيبة والمثيرة للضحك أن الوزير ظريف سرد في حديثه لوكالة الأنباء الفارسية أن الجمهورية الإيرانية أصبحت قوة عظمى في المنطقة، وأن أمن المنطقة يقع ضمن أولوياتها، وفقا لقاعدة أساسها عدم التدخل في شؤون الآخرين.

"ألم أقل لكم إن الرجل ظريف قولا وفعلا" أو إنه الهذيان الذي جعل الوزير يتناسى التدخل المباشر للنظام الإيراني في اليمن وسورية والعراق ولبنان والبحرين، وهو ما يدعونا إلى الوقوف مرة أخرى أمام تلك التصريحات التي نشرتها وكالة الأخبار الرسمية لإيران "فارس".

وعودا على التصريحات التي وصفها الظريف بأنها ناجمة عن ضعف، فربما غاب عن الرجل أن المملكة اليوم (وبعصا الحزم) كسرت كل خيوط المؤامرات التي نسجها نظام فارس سواء في اليمن أو في دول أخرى، وأن تصريحات قادتنا ـ حفظهم الله ـ أتت من مصدر قوة، دللتها النجاحات المتواصلة على الصعيد الخارجي في العديد من الملفات الأمنية أبرزها الملف اليمني.

وللتذكير فإن الجيش الوطني المدعوم من التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية يقف اليوم على بعد خطوات من العاصمة اليمنية صنعاء، التي اختطفتها ميليشيات الحوثي المستظلة بغطاء إيران، والتي وقفت عاجزة حيال تقديم شيء لتلك الميليشيات منذ عام ونيف لمنع تقدم القوات الوطنية باتجاه العاصمة بعد دحر تلك الميليشيات من معظم المحافظات اليمنية.

لا شك أن ظريف تناسى أو يتناسى أن المملكة اليوم تقود تحالفا دوليا إسلاميا يضم أكثر من 34 دولة لمكافحة الإرهاب التي تعد إيران مموله الرئيسي عبر مختلف الجماعات في العديد من البلدان، بهدف إرباك المشهد الأمني في المنطقة وفرض تدخلها المباشر كما فعلت في سورية والعراق بدعم التنظيمات المتطرفة ومن ثم الدخول في مواجهة معها بدعم وغطاء دولي.

إن تدخلات إيران المباشرة في العديد من الدول العربية جعلت منها مناطق للصراع الطائفي العرقي البغيض الذي يمتد تأثيره لسنوات طوال، حتى وإن أخمدت نيران المواجهات في تلك الرقع الجغرافية فإن الأثر الطائفي المقيت يبقى لسنوات، وهو ما نقلته لنا مواقع التواصل الاجتماعي في العراق من جرائم التطهير العرقي لميليشيات الحشد الشعبي في مواجهاتها التي تدور في المناطق ذات الأغلبية السنية.

ستبقى المملكة العربية السعودية في الواجهة شاء من شاء وأبى من أبى، وستحمل على عاتقها هم الأمتين العربية والإسلامية بقيادة سلمان الحزم والعطاء الذي لم ولن يتردد في الوقوف أمام كل المخاطر التي تحدق بأي قطر شقيق، وكرائدة للتحالف الإسلامي ستبذل المملكة خلاصة جهودها لتعزيز سبل مكافحة الجماعات الإرهابية أيا كان شكلها أو نوعها.