عندما تولى محمدو بوهاري رئاسة نيجيريا في مايو 2015، تعهَّد بتركيز حكومته على محاربة حركة "بوكو حرام" ومعالجة الأسباب الجذرية وراء أعمال العنف الوحشية في نيجيريا.

وحتى الآن، ومن خلال إستراتيجية عسكرية أكثر تركيزاً، استطاع الجيش أن يطرد المتمردين المسلحين من مساحات شاسعة من الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها، هادفاً في نهاية المطاف إلى إزالة قواتهم التقليدية من على وجه الأرض.

ولكن تحدي حركة بوكو حرام لم ينته بعد، حيث ما زالت جماعته تقوم بعمليات الخطف الجماعي والتفجيرات الانتحارية في معاقلها السابقة، مثل ولاية بورنو شمال شرق البلاد، مما أدى إلى تفاقم أزمة إنسانية شديدة بالفعل بسبب انهيار الاقتصاد المحلي. وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "اليونيسف" إلى أن 244 ألف من الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد في ولاية بورنو، التي كانت في الماضي منطقة زراعية ذات إنتاج وفير.

وبما أن هذه الأزمة قد أصبحت لُعبة في أيدي المتمردين، فإنه يجب أن يكون حلها على رأس أولويات حكومة بوهاري، بدعم من المجتمع الدولي، تحت رعاية الأمم المتحدة، لضمان أن هذه الأزمة سوف لن تتحول إلى كارثة إنسانية. وعندئذ فقط يمكن توجيه موارد الحكومة للتصدي لمشكلتين أساسيتين: أولاً إزالة خطر بوكو حرام الذي ما زال مستمراً، وثانياً إزالة أسباب الفقر مع تنشيط الحراك الاجتماعي والاقتصادي.

إن صعود بوكو حرام ليس مجرَّد قضية سياسية، لكنها قضية اجتماعية واقتصادية أيضاً، وعلى لسان الرئيس السابق لأركان الجيش، الجنرال مارتن لوثر أجواي "ما لم تتم معالجة هذه القضايا، فإن الجيش لن يستطيع تقديم حل عسكري لهذه الأزمة". 

دولياً، اتخذت حكومة بوهاري خطوات لتعزيز التعاون بين نيجيريا والمجتمع الدولي، ولكن لا يزال هناك مزيد من العمل الذي يتعيَّن القيام به، حيث إن عقد مؤتمرات مثل مؤتمر قمة الأمن الإقليمي الذي عقد في عاصمة البلاد أبوجا في مايو، يتيح الفرص لقادة العالم لمناقشة الحلول لمواجهة التهديدات الأمنية، بما في ذلك تهديدات جماعة بوكو حرام وتنظيم داعش.  وإن مزيداً من التعاون مع الحلفاء الإقليميين من خلال القوة المتعددة الجنسيات للمهام المشتركة (MNJTF) - التي تتألف من قوات من نيجيريا وتشاد والنيجر والكاميرون وبنين، سوف تقلل من احتمال امتداد بوكو حرام إلى البلدان المجاورة.

ومن أجل الحفاظ على هذا الزخم الإيجابي، فإن الإدارة تتطلب أيضاً خطوات متبادلة من جانب المجتمع الدولي. لقد تحسنت أخيراً المساهمات الأميركية في المعركة من خلال تقديم المساعدة في مجالات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، فضلاً عن تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بإرسال 300 جندي إلى نيجيريا، ولو أنهم ليسوا للمشاركة في القتال، إلا أن ذلك يُعد تطوراً إيجابياً للحفاظ على هذه الجهود المنسقة بغية تحقيق النتائج المرجوة.

وعلى الرغم من عدم الاستقرار الاقتصادي الذي يواجه الاقتصادات التي تعتمد على النفط في العالم، اتخذ الرئيس بوهاري خطوات لمعالجة التحديات الأمنية في نيجيريا. والأكثر أهمية من ذلك، ليس الجهود العسكرية فحسب، بل الإصلاحات الاقتصادية التي يجب أن يُنظر إليها بكل اهتمام من خلال هزيمة التمرد في الشمال والجنوب واستعادة نيجيريا كوجهة استثمارية مُغرية.