بقيت أكثر من 100 يوم أرصد رؤية 2030 وتحول 2020 قبل أن أكتب مقالي هذا، حتى لا يكون مجرد كلام احتفالي وإنما تقييم فعلي، فقرأت جميع ما نشر في موقع الرؤية (http://vision2030.gov.sa) وحسابه بتويتر البالغ 201 تغريدة، فخرجت بتفاؤل كثير وفخر كبير، فوطننا يستحق الأكثر ومواطنونا أهل للأكبر، وحسبنا مباركة سيدنا ووالدنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله - للرؤية والتحول حيث قال: (هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك..)، وتهنئة سمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، بتغريدته -وفقه الله- القائلة (أهنئ الوطن بإطلاق رؤية السعودية 2030، وأدعم عضيدي وأخي ويدي اليمنى محمد بن سلمان على هذه الرؤية الطموحة، حفظ الله ملكنا، وحفظ وطننا)، وقد كانت كلمة ولي ولي العهد المبارك رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان -أعانه الله- الافتتاحية المنشورة في الموقع معبرة وطموحة وشفافة حيث قال: (يسرني أن أقدم لكم رؤية الحاضر للمستقبل، التي نريد أن نبدأ العمل بها اليوم للغد، بحيث تعبر عن طموحاتنا جميعاً وتعكس قدرات بلادنا. دائماً ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى هي تلك التي تبنى على مكامن القوة، ونحن نثق ونعرف أن الله سبحانه حبانا وطناً مباركاً هو أثمن من البترول، ففيه الحرمان الشريفان، أطهر بقاع الأرض، وقبلة أكثر من مليار مسلم، وهذا هو عمقنا العربي والإسلامي وهو عامل نجاحنا الأول..)، ومثلث عوامل الرؤية (السعودية/ العمق العربي والإسلامي/ قوة استثمارية رائدة/ ومحور ربط القارات الثلاث)، ومثلث محاور الرؤية (مجتمع حيوي/ اقتصاد مزدهر/ ووطن طموح)، وقد استوقفتني كلمات الأمير محمد بن سلمان في مقدمته للرؤية حين قال (إن مستقبل المملكة مبشر وواعد، وتستحق بلادنا الغالية أكثر مما تحقق)، وهذا اعتراف بالواقع والتزام بالمستقبل لمستحقات الوطن والمواطن، وأنا على يقين بأن سموه صادق فيما يقوله وأمين فيما يعد به ومخلص فيما سيفعله، وما شفافيته في كلمته هذه وغيرها من اللقاءات والمؤتمرات الفضائية والصحفية إلا دليلاً على ذلك، والأمل بعد الله في قوله: (سنخفف الإجراءات البيروقراطية الطويلة، وسنوسع دائرة الخدمات الإلكترونية، وسنعتمد الشفافية والمحاسبة الفورية، حيث أنشئ مركزاً يقيس أداء الجهات الحكومية ويساعد في مساءلتها عن أي تقصير، وسنكون شفافين وصريحين عند الإخفاق والنجاح، وسنتقبل كل الآراء ونستمع إلى جميع الأفكار)، وأرجو أن يكون هذا المقياس يشمل مقياس تأهيل كل مسؤول قبل تعيينه، وقياس أدائه بعد توزيره، بلا انخداع بما يزعمه المسؤول من نجاحات والتي قد تكون إخفاقات، وبدلاً من أن يقوم هذا المسؤول بالتطوير والتنمية وتحقيق الرؤية إذ به يهوي بجهازه للحضيض بسوء إدارته لقلة تأهيله وضعف خبرته وطبيعة نفسيته ومقاومته لكل نقد وطني إصلاحي وانشغاله بأمور لا تحقق التحول الوطني المأمول الذي قال فيه سموه بكل جدية ووطنية: (بدءاً من هذا اليوم سنفتح باباً واسعاً نحو المستقبل، ومن هذه الساعة سنبدأ العمل فوراً من أجل الغد، وذلك من أجلكم -أيها الإخوة والأخوات- ومن أجل أبنائكم وأجيالنا القادمة).

ومما أعجبني في الرؤية المنشورة وثيقتها في 82 صفحة سؤال (كيف نحقق رؤيتنا؟) ثم الجواب عليه بذكر عدد من البرامج التي أسهمت ومهدت الطريق أمام بناء هذه الرؤية ومن ذلك (برنامج إعادة هيكلة الحكومة، وبرنامج الرؤى والتوجهات، وبرنامج تحقيق التوازن المالي، وبرنامج إدارة المشروعات، وبرنامج مراجعة الأنظمة، وبرنامج قياس الأداء).

ولضمان تحقيق الرؤية يجري العمل على إطلاق عدة برامج تنفيذية ومنها (برنامج التحول الاستراتيجي لشركة أرامكو السعودية، وبرنامج إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة، وبرنامج رأس المال البشري، وبرنامج الشراكات الاستراتيجية، وبرنامج التوسع في التخصيص، وبرنامج حوكمة العمل الحكومي)، كما تم بالفعل إطلاق أولها وهو (برنامج التحول الوطني) ونشر على موقع الرؤية في وثيقة مكونة من 114 صفحة، كما قام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بتطوير نظام حوكمة متكامل لضمان مأسسة العمل ورفع كفاءته وتسهيل تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة بما يمكن المجلس من المتابعة الفاعلة.

وأنا على يقين -بإذن الله- بنجاح هذه الرؤية؛ لأن الإرادة السياسية قد حسمتها وحزمت لتنفيذها، وإذا كانت دبي وتركيا وماليزيا قد نجحت في رؤيتها وصارت عبارة عن نماذج لإمكانية نجاح التنمية والتطور فإن المملكة العربية السعودية لديها عوامل للنجاح أكثر من غيرها، والأهم أن يكون كل برنامج ضمن جدول زمني دقيق ومقياس أداء حازم وقرارات بجاهزية عالية، مع ملاحظة أن كل تنمية لن تتحقق إلا بمكافحة للفساد الدنيوي والكهنوت الديني، مع تمسك بديننا الإسلامي وفخر بقوميتنا العربية وولاء بوطنيتنا السعودية، وكلي ثقة بنجاح هذه الرؤية بتوفيق الله وإعانته وذلك لعدة أسباب، على رأسها أن من يقوم عليها شاب قوي أمين أثبت أهليته ونجاحه في وقت وجيز أبهر العالم، إنه رجل المرحلة الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله ورعاه ووفقه وأعانه على ما فيه تحقيق المصالح العامة للبلاد والعباد.