لم تأت المذكرات التي نشرتها الإدارة الأميركية مطلع الشهر الحالي بجديد في كشف تفاصيل سياسة الإدارة الأميركية بشأن استخدام الطائرات بدون طيار (DRONE) في القصف والعمليات العسكرية، فالمذكرة ليست إلا إعادة لما جاء في السياسات التي نشرتها عام 2013، إذ تضمنت السياسات أكثر مما يتطلبه القانون في اشتراطها "شبه المؤكد" ألا يكون هناك أي ضحايا من المدنيين في غاراتها. لكن ما يغيب بوضوح هو أي تقييم للخسائر المتوقع حدوثها في صفوف المدنيين إذا امتنع صانعوا القرارات عن شن أي غارة من هذا النوع.

على الرغم من كل الأولويات السياسية أو حتى الأخلاقية التي تنطلق منها الإدارة الأميركية لتشريع سياسة "عدم إصابة المدنيين" شرطاً أساسياً لسياسة استخدام "الدرونز" في القصف والعمليات العسكرية، فإن الامتناع عن العمليات العسكرية من هذا النوع ليس بالضرورة مسألة أخلاقية، فالفيلسوف البريطاني الشهير جون ستيوارت ميل قال إن الإنسان ربما يتسبب في الخراب ليس بـ"الفعل" فحسب، إنما بـ"اللافعل" أيضاً، وفي كلتا الحالتين هو مسؤول عن الضرر الناتج.

 إن الفشل في وضع أي تقييم رسمي عن عواقب منع القصف العسكري باستخدام "الدرون" يثير ما يطلق عليه "الخطر الأخلاقي". وإن مصطلح "الخطر الأخلاقي" عادة ما يستخدم اقتصادياً، بمعنى "غياب أي حافز لتجنب المخاطر عندما تكون محمياً منها بالفعل –عن طريق، لا أنه في حالة تطبيقه على عمليات الطائرات بدون طيار العسكرية، وغيرها من حالات استخدام القوة، فيمكن تعريفها بأنها فقدان صناع القرار لأي حافز لحماية المدنيين –الذين من المحتمل قتلهم ما لم يتم قصف العناصر الإرهابية التي تستهدفهم بالأساس– من الخطر، لأنهم محميون من خطر الانتقاد طالما لم يشنوا غارات قد يسقط فيها ضحايا من المدنيين.

بالطبع لا ينتقد أحد بسبب قصف هو لم يقم به من الأساس، بينما قد تنهال الانتقادات على السياسي والعسكري إذا أصدرا أمراً بالقصف.

فمن الواضح أن الحافز –وبالأخص لدى السياسيين– هو إيجاد سبب لمنع عمليات "الدرونز"، ففي نهاية الأمر لن يلومهم أحد على الضرر الذي يتسبب فيه الإرهابي، مع العلم أن هذا الإرهابي لربما كان في عداد القتلى إذا اتخذ السياسيون والعسكريون القرار بقصف الإرهابي.