فهد الغانم

 

في كل يوم يتبين لنا مدى فراسة وعبقرية رجال هذه الدولة المباركة، أعزها الله، وفي كل محفل من المحافل يقفون وقفة الفخر والثقة والزهو بالنفس، فقد جاءت كلمة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس وفد المملكة في أعمال الدورة السنوية الـ(71) للجمعية العامة للأمم المتحدة الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، في هذا المحفل شاملة وملبية لكل من يتطلع له كل عربي ومسلم شريف، يتعدى حدود بلاده ليصل صداه في جميع أرجاء العالم، ففي الشأن الأكثر أهمية وهو أمن الشعوب وكل ما يعكر صفو أنظمتها المعتدلة كانت مكافحة المملكة للإرهاب منذ أمد بعيد حاضرة في كلمته، فكانت المملكة ولله الحمد، حصنا منيعا ضد هذه الآفة ومن يقف وراءها، وكان ترنحها أمام الضربات الاستباقية لرجال الأمن السعودي واضحا، عبر كشف حساب قدمه سموه وافيا وموجزا، ونظرا لأن المملكة قد أحبطت عددا ليس بالهين وصل إلى 268 عملية إرهابية كانت ستهدد المملكة ودولا أخرى صديقة.  وذكر سموه أن مكافحة هذه الظاهرة مسؤولية دولية مشتركة بتضافر الجهود الفكرية والأمنية والمالية وكذلك العسكرية. وأن المملكة وعلى النطاق الرسمي أفتت بتحريم الإرهاب وتمويله عبر بيان هيئة كبار العلماء، وتكللت هذه الجهود المتميزة باستضافة الرياض مركز التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب. وقف الأمير محمد بن نايف وقفة الثبات وهو يتحدث وكانت خطواته وملامحه وتعابير وجهه سياسة متكاملة تدرس، فاختيار الألفاظ والجمل وسردها كان متوافقا مع سمع المتلقي وسقف قناعاته ورضاه التام عن هذا الأداء المتميز. فبالرغم من محاولات إيران تعطيل جهود المملكة في هذا المجال عبر اتهامات زائفة أو عبر ممارسة نوع من ذلك الإرهاب بشكل فعلي، فإرهاب السفارات وتعقب السفراء لاغتيالهم أصبح وجهة إيرانية نحو مزيد من دعم هذه الظاهرة التي تهدد المجتمعات كافة.

إن تلك الدولة أي إيران لم تقم بواجبها في حماية البعثات السعودية على أرضها، فقد تم الاعتداء على السفارة السعودية وقنصليتها "بشكل سافر وغير حضاري". فدعا سموه إيران إلى حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون غيرها والذي هو مفروض بشكل قاطع. شخصّ ولي العهد في كلمته أمام الجمعية عدة قضايا لا تزال عالقة وملفات معقدة، ولكنه لامس الجرح وطرح الحل الفعلي لهذه الأزمات، وفيما يخص الجانب اليمني أكد سموه تأييد المملكة لجميع المساعي الدولية التي تبذل لحل هذه الأزمة، وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 2216 مبينا واقعا لا ينبغي إغفاله وهو أن التحالف العربي قام بدعم الشعب اليمني وشرعيته ضد الميليشيات المسلحة التي قامت بعدة أمور، منها: رفض الحل السلمي وحصار الشعب اليمني وتهديد حدود المملكة الجنوبية، وبلا شك لن تقف المملكة مكتوفة الأيدي لصد المحاولات الحوثية المتكررة والمتعاونة مع المخلوع صالح والتي تحاول إطالة أمد الأزمة، مستفيدة من الدعم المادي واللوجيستي الإيراني.

لقد أعطى الأمير محمد بن نايف كافة الحلول لمجمل هذه القضايا والتي تبين رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الثاقبة ونهج بلاده المتوازن والتي تتطلع لمنطقة شرق أوسط آمنة بعيدة عن الاضطرابات أو الأزمات.

لقد قال الملك للرئيس أوباما في البيت الأبيض في قمة سابقة جمعتهما: "لا نحتاج إلى شيء.. يهمنا استقرار المنطقة". فكانت وحدة العراق وشجب أي عنف طائفي في هذا البلد هي أيضا تحدث عنها الأمير محمد بن نايف، ودعا سموه الليبيين إلى استكمال بناء دولتهم والتصدي للإرهاب في آن واحد، وذكر أن الأزمة السورية خلف الصراع فيها مئات الآلاف من القتلى وتشريد الملايين، وأشار إلى أنه "حان الوقت لإيجاد حل سياسي في سورية، وفق مقررات جنيف 1". وأدان انتهاكات إسرائيل المتكررة للمسجد الأقصى وساحاته، لافتا إلى أن مبادرة السلام العربية هي أساس الحل الشامل والعادل.

لقد امتزجت شخصية هذا الأمير الأمين لبلده من ورع وخشية لله وإخلاص العمل له مع ما رسمه أثناء قيادة والده العظيم الأمير نايف بن عبدالعزيز (رحمه الله) لأمن البلاد من نجاحات متواصلة، فهذه المدرسة المتكاملة أثرت في محيطها العربي والقاري وكذلك الدولي، إنها القبضة الأمنية التي تصدت وما زالت لكل ما يهدد أمن البلاد والعباد.