كنا قبل عشرين سنة تقل أو تكثر نعتمد بعد الله على حواسنا الخمس، وخاصة قلوبنا التي توجه تفكيرنا وحركاتنا وسكناتنا عن طريق خلايا الدماغ التي تتكون من مليارات الخلايا والتي عجز العلم عن تحديد عددها والله سبحانه وتعالى يقول (أليس لهم قلوب يعقلون بها)، والقلب هو محل التفكير كما وصفه الله سبحانه وتعالى، فهذه الحواس الخمس (البصر والسمع والشم واللمس والتذوق) كلها تحركها هذه الخلايا في الدماغ بإيعاز من القلب الذي هو مصدر التفكير.

وكنا مسيرين حياتنا في جميع مناحي الحياة: الدينية والتعليمية والصحية والأمنية والاجتماعية والثقافية والمالية... إلخ. نعتمد على الله ثم على الحواس التي ذكرناها كل في مجال عمله وتخصصه، فالقاضي الشرعي في عمله، وكذلك المعلم والطالب والمحاسب والتاجر ورجل الأمن والموظف والبائع والمشتري، وسارت الحياة على هذا المنوال معتمدين على الله ثم على حواسهم، فكانت أدمغتنا تأخذ وتعطي وتتجدد في عراك هذه الحياة، وخاصة طلاب العلم العام أثناء دراستهم المناهج والكتب المدرسية، وخصوصاً منهج (الرياضيات في العمليات الحسابية – طرح – جمع – قسمة – هندسة – والعمود الفقري في هذه العمليات (جدول الضرب) الذي يسهل هذه العمليات الحسابية، ونتيجة لذلك كان هناك ضبط وربط في الأمور المالية، خاصة في البنوك المصرفية التي تعتمد في عملها على مثل هذه الأمور، وكانت هناك دقة وضبط مسارات صحيحة لحسابات العملاء الذين يتعاملون مع هذه المصارف البنكية.

ثم دخل علينا (الحاسوب الآلي الإلكتروني) الذي قلص أكثر الأعمال، وخاصة في بدايته مع الأمور المالية، ثم امتد إلى الكتابة والقراءة عن طريق هذا الحاسوب حتى دخلنا في مجال الحكومة الإلكترونية التي غطت معظم الدوائر الحكومية: القضائية والتعليمية والصحية والأمنية والثقافية.... إلخ، وهذه نعمة كبرى، لكننا اعتمدنا على هذا الحاسوب في كل شيء وفي كل شاردة وواردة وفي كل كبيرة وصغيرة، وانعكس هذا على تبلد في أدمغتنا وتفكيرنا، وأصبح (الحاسوب هذا) هو الذي يفكر، وهو الذي يخرج المعلومة سواء كانت كتابة أو aقراءة أو حل عملية حسابية أو رياضية. وأصبحنا نرجع إليه في كل شيء حتى لو أردنا أن نعرف نتيجة ضرب 7×7= لا نستطيع أن نقول (49)، لا بد من استعمال هذا الحاسوب حتى نعرف النتيجة، وهكذا دواليك الحاسوب وأجهزة التواصل الاجتماعي بكل شرائحها نعمة، وسهلت علينا كثيرا من الأمور في جميع الحياة المعيشية، لكن ليس إلى هذه الدرجة، نريد تحريك عقولنا وأدمغتنا حتى لا تصدأ ويتراكم عليها الصدأ وتعجز عن التفكير حتى في أمور حياتنا العادية، فحركوا عقولكم وحرروها من هذا اللوح الإلكتروني وعدم الاعتماد عليها بالكلية إلا في الأمور الضرورية التي يعجز عنها العقل والتفكير البشري.